في بداية ٢٠٢٠ وصلتني رسالة عبر تطبيق الواتساب نصها، “أمانة الله عليكو لا تقطعوا فينا نحن أبناء الوطن، ونريد مساعدتكم”، هذه رسالة أحد الطلبة الاردنيين في ووهان معقل فيروس كورونا.
من هنا بدأت رحلة متابعتي الصحفية لهذه الهالة غير المحسوسة، ليصل ضجيجها كل بيت في العالم؛ كتبتُ عن الطائرة العائدة من الصين، وعن تباين الآراء بين من يطالب الحكومة بضرورة تفعيل قانون الدفاع ومن يطالب بالتروي، وعن الحظر الشامل، والتعلم عن بعد، وعمال المياومة، والسوق السوداء لبيع الدخان، وعن شكاوى من تلاعب البعض بأسعار الخضار، وعن أول وفاة لثمانينية بكورونا وإجراءات مواراة جثمانها.
كما كتبت عن عروسين من اربد والخليل عقدا قرانهما إلكترونيا، وعن أول إغلاق لمستشفى خاص بسبب الإصابات، وعن من تبرع لهمة وطن بـ٢٣٠ الف دينار ليتوفى بالفيروس نفسه، وعن تفعيل أوامر الدفاع المتتالية، وعن الاخبار الايجابية بشأن اللقاح، وعن عودة العمل الجزئي والزوجي والفردي (الصفر زوجي).
وكتبت كذلك عن اقتطاعات الرواتب، وفرض امر دفاع يلزم بارتداء الكمامة، وعن المواطن الذي سمّى طفله سعد جابر، وعن عزل البنايات وعن صبحي والخناصري، وعن إخلاء شقيق عوني مطيع وعن شراء اللقاح الروسي وعن المواطنين الذين باعوا ذهباً بـ١٤ مليونا.
وتطرقت إلى الام التي تخلت عن حضانة ابنها المعاق، وعن الطلبة الذي يطالبون بالعودة إلى ووهان لاكمال الدراسة، وعن وصول عدد الفحوصات لمليون فحص، والتأكيد بأن الصحة العالمية لا تدعم الحكومة مقابل كل وفاة، وعن تفجيرات الزرقاء، وعن الطالب الذي حرق نفسه أمام رئاسة الجامعة، وعن الحجز على أموال مستثمر بعد تعثره بـ١٠٠ مليون، وعن نصيب الأردني من الدين، وعن إيقاف ٩ خطباء عن الخطابة.
وكنت من الذين كتبوا التشكيك بوفيات كورونا، وعن اختلاف نتائج الفحوصات بين الخاص والحكومي، وعن عدم ضرورة تخصيص مقابر لوفيات كورونا، وعن منع مصابي كورونا من المشاركة في الانتخابات.
أكثر من ٢٠٠ مادة صحفية كتبتها عن كورونا، إلى أن دخل الفيروس جسمي، لأكتشف بأنه بلا مخالب وأنياب، ولم يصبني أي عارض صحي، لكنه حصد أرواح الكثيرين، ما علينا فعله عدم الخوف لحد الوسوسة وعدم الإستهتار لحد اللامبالاة، ولنحرص على كبار السن وممن لديهم ضعفاً بالمناعة، ولتعد الحياة كما كانت.
بالمجمل إنه فيروس ورقي، لا يحتاج ما يحصل، وبقي السؤال في ذهني، ماذا يريدون منا؟.
*صحفي من جريدة الغد اليومية