منبر البترا – تالة أبو دقة / شهد عامر – في خطوة تسعى لتعزيز دور الإعلام في تحقيق العدالة الاجتماعيّة وحقوق الإنسان، نظّمَ مهرجان كرامة لأفلام حقوق الإنسان ندوة بعنوان “الصحافة بعيون جديدة: عصر الأخبار الحديث”.
وتناولت الندوة تأثير صحافة المواطن، أو ما يُعرف بالتقارير الإخبارية المدنيّة، على المشهد الإعلامي في المنطقة العربيّة والعالم، مسلطةً الضوء على التحولات الجذريّة التي أحدثتها في طريقة نقل الأخبار وتوثيقها، وبخاصّةٍ في ظلّ الأحداث الجارية، كالحرب الأخيرة على غزة.
وأكّد المتحدثون في الندوة أنّ صحافة المواطن أصبحت ظاهرة مهمّة في مجال الإعلام، حيث تعتمد على الأفراد العاديّين في توثيق الأحداث ونشرها بشكل فوريّ عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وتزامن ذلك مع تراجع الثقة في وسائل الإعلام التقليديّة نتيجة انحيازها أو تقصيرها في تغطية الأحداث بشكل شامل.
وأبرزت الجلسات دور هذه الظاهرة في سدّ الفجوات الجغرافيّة والموضوعيّة التي غالبًا ما تواجه الإعلام الرسميّ، حيث أتاحت للمواطنين فرصة أن يكونوا شهود عيان على الأحداث الكبرى، مساهمين بذلك في تعزيز الوعي العام ونقل الحقيقة بلا وسيط.
واستعرضت الندوة حالات ملموسة برزت خلالها قوّة صحافة المواطن، مثل توثيقها للحرب الأخيرة على غزة التي أظهرت الجرائم والانتهاكات الإنسانيّة، ووضعت العالم أمام مسؤولياته، كما قدّمت روايات تتحدى السرديّات التي تروّجها وسائل الإعلام الدوليّة.
وناقش المشاركون كيف استطاعت هذه الصحافة أن تُحدث موجة تفاعل شعبيّ غير مسبوقة، حيث تُرجمت المشاهد الموثقة إلى حملات تضامن واسعة النطاق مع الفلسطينيّين، في العالم العربي وخارجه .
وفيما يتعلّق بالجانب الأخلاقي لهذه الظاهرة، سلّطَت الندوة الضوء على القضايا المتعلقة بالمصداقيّة، ودقة المعلومات، وأخلاقيّات استخدام المحتوى المقدم من الأفراد، والتحدّيات المتمثلة في التحقّق من المصادر وتجنُّب التضليل، وهو ما دفع وسائل الإعلام التقليديّة إلى التكيف مع هذا الواقع الجديد عبر تضمين آليّات تحقُّق صارمة والإفادة من المحتوى المدنيّ ضمن تقاريرها.
كما تطرّقت النقاشات إلى تأثير المنصّات الرقمية وخوارزميّاتها على نشر المحتوى، مع التأكيد على ضرورة فهم الآليّات التي تتحكم في الانتشار والتفاعل، وأهميّة حماية صانعي المحتوى من حظر حساباتهم أو حذف أعمالهم بسبب التوجّهات السياسيّة أو القيود التي تفرضها بعض الدول والمنصّات.
وأكد المتحدثون أهميّة بناء منصّات إعلاميّة عربيّة مستقلة، تُعنى بحماية الهويّة الثقافيّة للمجتمعات العربية، وتقدّم محتوى موضوعيًا بعيدًا عن هيمنة المنصّات الأجنبية، مع الإشارة إلى سبل تعزيز التربية الإعلاميّة بين الشباب، من خلال تدريبهم على إنتاج محتوى رقميّ مسؤول ومبدع، مع توعيتهم بحقوقهم القانونيّة وطرق الحماية الرقميّة.
وأشار الحضور إلى أنّ الصحافة اليوم بحاجة إلى التكيّف مع متطلبات العصر الرقمي، سواء من خلال تطوير أدواتها أو تبنّي طرق جديدة للتفاعل مع الجمهور الذي بات يعتمد بشكل كبير على وسائل التواصل الاجتماعيّ للحصول على الأخبار.
واختتمت الندوة بتوجيه الشكر لأهل غزة على صمودهم وشجاعتهم، مع الإشادة بدور صحافة المواطن في تعزيز العدالة وكشف الحقائق وسط التحدّيات المتزايدة. كما تم التأكيد على ضرورة استمرار الحوار والتعاون بين المؤسّسات الإعلاميّة وصنّاع المحتوى المستقلّين لتطوير الإعلام العربي، وجعله أكثر قدرة على مواكبة التحولات العالميّة، مع رفع سقف حريّة التعبير وحماية الحقوق الإنسانيّة.