منبر البترا
مقابلات

طه درويش : اللغة العربيّة في خطر!!

سارة ابووهدان _منبر البتر

“أجد نفسي بكتابة النثرالممزوج بالشّعر أو حتّى ربما بالشعر النّثري.. دونما التزام بالمناهج الأدبيّة التي تحكم هذا الفنّ.. فأنا لستُ شاعِراً ولا أمتلك الأدوات التي يحتاجها الشّاعر لكتابة القصيدة” بتواضع شديد شخّص الكاتب المبدع الأستاذ طة درويش طبيعة كتاباته وهواجسه التي ينثرها  دوما على ورقه الأبيض  

لم يتردد  الكاتب درويش بان يعتبر”اللغة العربيّة في خطر” بسبب هجران الابناء لغتهم بشكل مُرعِب.

 فيما يحلم بأن يرى طلبة الإعلام وهم يمتلكون أدوات الكتابة التي تُؤهّلهم لإنتاج المُحتوى الإعلاميّ الرّاقي بجودته العالية ومستوياته الرّفيعة. وجه درويش رسالة للصحفيين بان” يكونوا صوت من لا صوت لهم من البؤساء والمُهمّشين والفقراء والمطلومين ،ويحملون راية الدّفاع عن القيم الإنسانيّة النّبيلة التي تُسهم في بناء أوطانِنا وخدمة مجتمعاتنا”.واليكم نص المقابلة :

   كيف كانت بدايات طه درويش الأدبية؟

تعودُ البدايات إلى “البئر الأولى” للكاتبـ، الّتي هي طفولته ومخزن ذكرياته ومستودع أحلامه. أذكر أنّ بداية المرحلة الاعداديّة، وتحديداً الصفّ الأوّل الإعدادي شهد أولى المحاولات في الكتابة.. والتي كانت “الكلمة” الصباحيّة في الإذاعة المدرسيّة، ومحاولات على استحياء كنتُ أنشرها في مجلّة الحائط، تلكَ التي كان يُشرِف عليها مجموعة من طلبة المدرسة الأكبر منّا سنّاً.. وبعد فترة قصيرة امتلكتُ جرأةً لا أعرف كيف واتتني وبدأتُ مراسلة صفحات القرّاء في عدد من الصحف والمجلات حيث كان النشر في هذه المساحات بالنسبة لي فرحةً لا يُمكن التعبير عنها بالكلمات.

 تتدفق كلماتك وتنثرها على أوراقك حتى تتوحد معها. اين تجد نفسك بين الشعر ام النثر؟

الجمع بين الشعر والنثر!! لستُ أدري إن كان تدفّق الكلمات التي تجد طريقها نحو الورق الأبيض خلال عمليّة الكتابة يمنح القارىء هذا الشعور. ربما يتلمّس المُتابع للنصوص التي أنشرها شيئاً من هذا “الجمع” الذي تشيرين إليه.. وإن كان كذلك فهذا تأكيدٌ أنّنا “أحفاد” مدرسة الشّعر.. الشّعر الذي يُعدّ الجنس الأدبيّ الأوّل.. قبل ميلاد الرّواية بآلاف السّنين.. وقبل ولادة العديد من الأجناس الإبداعيّة الأخرى.

عموماً.. أجد نفسي في النثر الممزوج بالشّعر أوحتّى ربما بالشعر النّثري.. دونما التزام بالمناهج الأدبيّة التي تحكم هذا الفنّ.. فأنا بطبيعة الحال لستُ شاعِراً ولا أمتلك الأدوات التي يحتاجها الشّاعر لكتابة القصيدة.

أهمّ محطات هذه المسيرة وقفزاتك النوعيّة في عالم الكتابة والإبداع ؟

لا يمكنني القول إنّها مسيرة. فأنا لم أمتهِن الكتابة الإبداعيّة في أيّة مرحلة من مراحل حياتي.. كانت عِشقاً خالِصاً.. ولا تزال.. وستبقى. وإن كان يًمكنني الحديث عن “محطّات” يُمكنني الإشارة إلى بدايات التسعينيّات حيثُ كنتُ ضائفاً شبه دائم علة صفحات (مُلحق الدّستور الثقافي) الذي كان يُشرِف عليه صديقنا وأستاذنا المغفور له بإذن الله تعالى، الدكتور نبيل الشريف، الّذي أصبح لاحقاً وزيراً للإعلام وسفيراً. على صفحات هذا المُلحَق كنتُ أنشر قصصي القصيرة، ومساهماتي الأدبيّة المتنوّعة.

بطبيعة الحال، لا يمككني تجاهل الفترة التي أعتبرها ذهبيّة في حياتي.. وهي فترة عملي في قسم الصحافة والإعلام في جامعة اليرموك.. حيثُ كنتُ مساعداً للتدريس والبحث.. وحريصاً على كتابة عمودي الأسبوعي في جريدة “صحافة اليرموك” والّذي كان يحمل عنوان “هواجِس”.

ما مدى تحلي الصحافة الأردنية بمعاييرالجودة في الكتابة الصحافية وسط “زحام” في الاعلام الجديد وبخاصة القضايا الثقافية؟

لا يُمكنني في حوار قد تغلب على إجاباته عوامل “السّرعة” وربما عدم إيلاء الأسئلة حقّها من التروّي قبل الإجابة.. لا يُمكنني الإجابة على سؤال كهذا.. غير أنّه يمكنني القول: دائماً هناك بالإمكان أحسن وأفضل ممّا هو كائن.. المشهد الإعلامي في وطننا تسوده حالة من عدم اليقين.. الصحافة المطبوعة تحتضر.. هناك “زحام” في الإعلام الجديد قد تكون من أبرز عناوينه انتشار “الكمّ” على حساب “الكيف”.. هناك ضعف في “المهنيّة” في الكثير من المواقع الإلكترونيّة.. وسُرعة النّشر والرّغبة في حصد أكبر عدد من القراءات والمُشاهدات تأتي لدى معظم هذه المواقع على حساب “المصداقيّة”، في كثيرٍ من الأحيان، وعلى حساب جوْدة المُحتوى الإعلامي، بشكلٍ عام.. وبالنسبة إلى الصحافة الأدبيّة والثقافيّة فللأسف لم أعُد مُتابِعاً لملاحقها منذ فترة طويلة، وابتعادي عن تفاصيل مشهد الصّحافة الثقافيّة لا يمنحني الحقّ في إبداء الرأي فيها.

 بخبرتك الطويلة في السلك الاكاديمي، هل لمست أن مستوى اللغة العربيّة بين طلبة   الجامعات  الأردنية  في خطر ؟

هذا هو الحديث الذي يوجِع القلب وينكأ الجراح الحديث الّي يطول.. وأخشى أنّه من الأحاديث الّتي ما إن تبدأ فلَن تنتهي!! اللغة العربيّة في خطر.. أبناؤنا يهجرون لغتهم بشكل مُرعِب.. ليس ثمّة اهتمام حقيقيّ بلغتِنا التي تَئنّ من فرط التجاهل والإهمال. لستُ أدري أيّ مصيرٍ ينتظر لغتنا.. لا يُمكنني أن أتخيّل أنّ عدداً من طلبة الجامعات لا يُميّزون بين الجارّ والمجرور.. بين الفاعل والفاعل.. والأخطر أنّ طلبتنا.. ولا أعُمّم هنا.. أصبحت الفجوة بينهم وبين لغتهم تتّسع.. لدرجة أنّ بعضهم أصبح يكره الّلغة العربيّة!!

  يسعى اغلب الطلبة للتحصيل الاكاديمي المرتفع”العلامات”. برأيك كيف يمكن أن ننهض  بفكر الطلبة؟  

محبّتي العميقة لأبنائي وبناتي طلبة الإعلام زَرَعت في أعماقي حلماً بِأن أُسهِم ولو بِقَدْرٍ ضئيل في إحياء “عشق” اللغة العربيّة دواخلهم.. العشق الذي يجعل من إقبالِهِم على تعلّم لُغتِنا.. وتنمية مهاراتها.. وتذوّقها كما ينبغي.. إقبالاً ينبع من ذواتِهم.. بعيداً عن “العلامات” والرّغبة في حصد المعدّلات المُرتفعة. أحلم بأن أرى طلبتنا يتكلّمون اللغة الفصحى دون خجل.. وبثقة.. وبفخر.. وإحساسٍ بأنّ هذه اللغة هي “روحهم” وجزء رئيس وراسخ من “كيانهم الفكريّ”. وأحلم أن أرى طلبة الإعلام وهم يمتلكون أدوات الكتابة التي تُؤهّلهم لإنتاج المُحتوى الإعلاميّ الرّاقي بجودته العالية ومستوياته الرّفيعة.

ماذا عن القيم التي تحب أن تجدها بين الصحفيين والإعلاميين في الاردن؟

وليس آخراً.. أحلم بأن أرى “صحفيّين” و “إعلاميّين” يحملون راية الدّفاع عن قيم الحقّ.. والخير.. والفضيلة.. وشقيقاتها من القيم الإنسانيّة النّبيلة التي تُسهم في بناء أوطانِنا وخدمة مجتمعاتنا وفي أن يكونوا “صوت من لا صوت لهم” من البؤساء.. والمُهمّشين.. والفقراء.. والضّعفاء.. والمطلومين.. وأن يضعوا “مخافَة الله تعالى” أمام أعينهم قبل أيّ قانون أو مُدوّنة سلوك.. وفوق أيّ معيار من المعايير التي يضعها البَشَر.. فمخافة الله سبحانه وتعالى وخِشيته أثناء تأدية الرّسالة الإعلاميّة هي الضّامِن الوحيد لإنتاج إعلامٍ راقٍ وإنسانيٍّ وحقيقيّ.

باشراف الدكتورة حنان الكسواني -المقابلة والتحقيق

 الكاتب طة درويش في سطور

•           عضو هيئة تدريس  في كلية الإعلام – جامعة البترا

•          مدير تحرير مرصد مصداقية الاعلام الأردني “أكيد” السابق…

•           كان يعمل  مساعدا للتدريس والبحث في قسم الصحافة والإعلام  في جامعة اليرموك .

•           كاتب عمود اسبوعي تحت عنوان  “هواجس” في صحافة اليرموك .

•           كاتب مقال في الملحق الأسبوعي الثقافي في جريدة الدستور اليومية في تسعينيات القرن الماضي.

Related posts

إنعام المومني تنتج الخبز في بيتها لتحافظ على أسرتها من العدوى

Admin User

“لوّنها بالأمل” ترسم البسمة على وجوه فاقديها

Admin User

الأمانة : الغباوي ينتج «4,8» ميغا واط من الكهرباء في الساعة

Admin User

اترك تعليقا

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com