منبر البترا
مقالات

كريم بنزيما.. من صافرات الاستهجان الى رفع القبعات

الطالب عمران عواودة/ كلية الإعلام – بعض الثورات ليست بحاجة الى السلاح أو الكلام أو حتى بالكتابة بالأقلام او رفع شعارات، هناك ما يسمى بالثورة على الذات، كيف تصنع ربيعاً بعد أن تسقط كل اوراقك، لا و بل جفّت تلك القطع المتناثرة من الاوراق.

في عالم المستديرة جميعنا عاصرنا هبوطاً و ارتفاعاً في مستويات لاعبي الجلد المدور، و منهم من يجعلك تنبهر من اداءه في عام او اثنين، ثم ينطفئ نوره بعد ذلك و كأن شيئاً لم يكن، و البعض الأخر تكسّر نوره من الاصابات فيغدو ضحية ذلك، و كم من لاعبين أخرجوا افضل ما لديهم قي الرمق الأخير، و لكن قصة اليوم مختلفة، ساحرة جعلت الكارهين قبل المحبين يصفقون احتراماً لهذا الكريم.

كريم بنزيما تخطى حدود العقل و لعل الجزء السئ في روايته جعله اكثر بريقاً و لمعاناً، ما قدمه في الماضي في السن المثالي للعطاء كان مترنّحاً و عاش في افضل فترات فريقه على جميع المستويات و لكنه فردياً كان أقل من المستوى الطبيعي، و لو كان أي مهاجمٍ بدلاً عنه لحقق امجاداً تُخلّد في التاريخ، و لكنه كان تائهاً وسط كوكبة من النجوم، و من كان يتوقع أن نجمه كان مغطّى بالغيوم السوداء، حتى اتى يوماً تبخرت فيه كل تلك الغيوم و بان على العالم أجمع.

و لأجعل كلامي أكثر كروياً، لاقترب من اصحاب الاختصاص، فإن كريم خدم منظومة رونالدو لسنوات طويلة، و لكن أكثر ما كان يستفز مشجعي الميرنغي هو الفُرص التي اتيحت له كمهاجم مهمّته الأولى تسجيل الأهداف و ليس خدمة المنظومة بشكلٍ أعمى، فكان لـمواسم طويلة مجرد كثافة عددية في المقدمة او فاتحاً للمساحات لزميله الدون الذي كسّر كل الارقام القياسية و كان في الكثير من المناسبات يجبر الجمهور أن يصفق لكريم و لربما في ذلك الوقت كان هو الوحيد الذي يدرك أن هذا الرجل يملك من القدرات الفتّاكة ما يجعله الرقم واحد في عيون الذي يستهجنونه حينها.

و استمرت المواسم رفقة الدون و بقي كريم يُضيع فرصاً محققة، و إن غاب رونالدو كان يبدو كمهاجم شبح نَسي ابجديات التهديف، و كان الانتقاد و التنمّر في أوجِهِ على هذا الرجل الفرنسي، حتى أتت لحظة فراق محبوب جماهير ريال مدريد الأول .. نجمهم و اسطورتهم الحيّة كريستيانو رونالدو و بدأوا يندبون حظهم برحيله و عدم مجئ معوّضٍ له و اصرار بيريز على الاعتماد على بنزيما، و زادت الانتقادات حدةً على الادارة، و لكن بعد كل ذلك كريم كان صلباً كالجبل لا يتأثر بالرياح العاتية و استمر بعد ذلك في الاجتهاد، لينفجر ما كان مخفياً من البداية، و مع هذا الانجفار العظيم جعل العالم بأسره يتفاجئون عاماً تلو العام بهذا الكريم رغم المستوى المتدني للفريق الا أن شخصيته القيادية طغت و تجبّرت على زملائه.

كريم بنزيما لو كان أي انسان في مكانه لتعرّض لازمة نفسية عويصة بحاجة الى معالجة مكثفة من كثرة الانتقادات اللاذعة، و لكنه صنع المستحيل في داخله أولاً و ليس على مرئى الناس، صبر و اجتهد و كان له ما أراد، لنقفز الى العام الماضي، 2021 كانت الحِمم البركانية قد وصلت فوّهة بركان الفرنسي، لتتناثر كقطع الالماس على عقول كل من شاهد ما فعله و يفعله هذا الكريم الآن، الرجل الذي صنع “ريمونتادا” على نفسه و أنصف ذاته بذاته، بلغ من العُمر 34 عاماً و ما زال يحمل ناديه على اكتافه و يخطو بهم بعيداً في كل المسابقات، كريم بنزيما قدّم دروساً كثيرة في الحياة قبل كرة القدم، كيف تصبر على نفسك و أن تؤمن بقدراتك و أن لك وقت معلوم سيخرج أفضل ما لديك يوماً ما، الآن كريم أفضل مهاجم في العالم و مرشح فوق العادة لحصد جائزة افضل لاعب في العالم هذا العام و سيحصد نهاية الموسم محصوله، كريم بنزيما قلَب الطاولة على نفسه و على جميع من يتابع كرة القدم.

Related posts

عامل وطن.. بقلم:أ.هيا عاشور

الطالب الجامعي بين اكتساب الثقة بنفسه وخسرانها

حرية الإنترنت وتحديات القيود

اترك تعليقا

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com