رغد حسان-منبر البترا
عمان- “كان الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني يشعرني بالقهر، فكان قهري كالوقود لأكتب وأكتب “بهذه الكلمات عبرت الكاتبة الأردنية الدكتوره هديل شقير عن أسباب توظيفها لأحداث الانتفاضة الثانية بشكل خاص في روايتها “ذهب مع الحنين” التي صدرت في العام 2016.
واعتبرت شقير في لقاء خاص ل”منبر البترا” أن الكتابة هي المتنفّس الوحيد للثورة بداخلها تجاه المعاناة التي كانت تشاهد تفاصيلها بشكل يومي وحتى الان. قائلة ” كنتُ في كتابتي للرواية كمّن تقمّص الروح الفلسطينية، بكلّ ما فيها من عطاء ومقاومة”.
كما تناولت الكاتبة في روايتها معانٍ ضدّ معاني الخير والعطاء، فكان الحقد والخيانة التي جسّدتها بشخصية واحدة فقط من شخصيات الرواية، وهي الشخصية التي كانت قريبة من المحتل الإسرائيلي. في هذا رسالة قصدت شقير ان توحي بها، وهي “أنّ الخير باقي، وهو أبقى من الشرّ، وأنّ الخير أكثر وإن وُجِد الشر”.
. • كيف وظفت الكاتبة هديل شقير أحداث الانتفاضة الثانية بشكل خاص في روايتها ؟ ولماذا؟
وظّفتُ الأحداث بربطها بالتفاصيل الحياتية لأبطال القصة، بعيداً عن الجانب السياسي. وكانت الفكرة السائدة هي النضال الذي يعايشه كل بطل في القصة بمعاناته المختلفة عن غيره، وأحلامه وآلامه. كان حدث الانتفاضة الثانية بمثابة النتيجة لنضال كل شخصية، وكأنها انتفاضته شخصياً. كتابتي للرواية بدأت خلال أحادث الانتفاضة الثانية، وأذكر أنّ متابعتي اليومية للأخبار وتأثري بالظلم الواقع على الفلسطينيين وقدرتهم على الاستمرار في المقاومة كان يشعرني بالقهر كما لم أعرف هذا الشعور من قبل، ممّا كنتُ أستخدمه لأكتب، فكان قهري كالوقود لأكتب، وكانت الكتابة هي المتنفّس الوحيد للثورة بداخلي تجاه المعاناة التي كنتُ أشاهد تفاصيلها يومياً.
• دمجت ما بين حالة العطاء والحب والمقاومة الفلسطينية دون التركيز على أسبابه كيف تمكنتي من رسم كل ذلك في سطور روايتك ؟
لأنني كنتُ في كتابتي للرواية كمّن تقمّص الروح الفلسطينية، بكلّ ما فيها من عطاء ومقاومة. لذلك، كانت الرواية ثرية بهذه المعاني، إذ جسّدت معاني الخير والحب معظم شخصيات الرواية، وبالمقابل تناولت معانٍ ضدّ معاني الخير والعطاء، فكان الحقد والخيانة ولكن جسّدتها شخصية واحدة فقط من شخصيات الرواية، وهي الشخصية التي كانت قريبة من المحتل الإسرائيلي. وفي هذا رسالة قصدتُ أن أوحي بها، وهي أنّ الخير باقي، وهو أبقى من الشرّ، وأنّ الخير أكثر وإن وُجِد الشر.
• بمن تأثرت هديل شقير من الأدباء و الشعراء حتى تمكنت من إتخاذ خطوة بداية كتابة الرواية؟
نجيب محفوظ، وتحديداً الثلاثية: “بين القصرين”، “قصر الشوق” و”السكرية”. الأسلوب الوصفي الذي يُثري كتابات محفوظ علّمني الكثير في جمالية التفاصيل، خصوصاً أنّ شخصيات الثلاثية عديدة ومرتبطة مع بعضها البعض، وهو الأمر الذي تأثرتُ فيه بروايتي، فهي ليست رواية البطل الواحد، ويصعب عند قراءتك لها تحديد من هو الشخص الأهم. كما تأثرت كثيراُ الكتابة هي المتنفّس الوحيد للثورة بداخلها بجبران خليل جبران، تأثرتُ بفكره أكثر من تأثري بأسلوب كتابته.
• منذ عام ٢٠١٦ كان لك اصدار أول رواية حتى عامنا هذا .. لماذا لم يخطّ قلمك مرة أخرى؟
انشغالي بتحصيل درجة الدكتوراة في الإعلام/الإذاعة والتلفزيون أبعدني، خصوصاً أنّ الأعمال الروائية تحتاج إلى مساحة من التركيز وأحياناً التفرّغ، إذ يقوم الكاتب برسم شخصية كل بطل، بتفاصيلها الشكلية والعاطفية، وتطوراتها وإخفاقاتها.، الخ… في الحقيقة، بعد روايتي هذه بدأت لمرات عديدة في محاولات لكتابة روايات جديدة، ولكن لم يتسنَ لي أن أكمل أيّاً منها. ومن جانب آخر.
• اذا هل تفكر الكاتبة شقير في كتابة جزء ثان لروايتك” ذهب مع الحنين”؟
كثيراً أفكّر في كتابة جزء ثانٍ ل”ذهب مع الحنين”، وكثيراً ما رسمتُ في مخيلتي الأحداث، وتطورات الشخصيات. قد أتشجّع لذلك يوماً ما، آمل ذلك..ولكنها خطوة تحتاج لصفاء ذهني، يكون فيه العمل الروائي هو الشغل الشاغل لا يرافقه مجهود فكري آخر، خاصةً أنه، في حالتي، عندما أكتب، أقوم بأبحاث مطوَّلة حول السياق التاريخي والوصف الجغرافي في ما يتعلق بالقصة التي أكتبها، فكون القصة من الخيال لا يُعفي الكاتب من السعي لموافقة السياق الواقعي قدر المستطاع.
• هل اثرت الصحافة في روايتك؟
لم تؤثر بالمجمل، ففي الواقع كنتُ قد كتبتُ معظم الرواية وأنا في المرحلة الدراسية الثانوية/التوجيهي متأثرةً بأحداث الانتفاضة آنذاك. ولكنني بعد عملي في الصحافة، وتحديداً متابعتي لشؤون القدس وتواصلي مع مقدسيين قمتُ ببعض التعديلات على الرواية، بحيث تتوافق مع الواقع المقدسي بشكل أكبر، وهو الأمر الذي وردني بشأنه ملاحظات إعجاب بالرواية من أشخاص مقدسيين قرؤوها، وتعجّبوا حين علموا أنني لم أزر القدس يوماً، ومع ذلك كانت كتابتي ووصفي للاحداث كمن مشى في القدس وعرفها.
وما هو الفرق بين القصة الإخبارية والقصة الأدبية؟
فرق شاسع، فالقصة الإخبارية تروي أحداثاً حقيقية واقعية، ينبغي الحرص على الموضوعية فيها قدر الممكن، إذ لا أعتقد بوجود الموضوعية والحياد المطلق. بينما القصة الأدبية قد تستوحي أحداثاً من الواقع ولكنها ليست بالضرورة أحداث حقيقية، وهي على عكس الأخبار والقة الإخبارية يُفترض أن تكون غنية بالعواطف والتفاصيل التي لا مجال فيها للسؤال عن الموضوعية.
• بعد انضمامك الى السلك الأكاديمي حديثاً .. ما هو الجديد للكاتبة شقير ؟
في الواقع.. تركيزي حالياً على إنجاز أبحاث أكاديمية في الإعلام. إلى جانب كتاباتي الأدبية القصيرة. ولكن، الهاجس الذي شغلني وجعلني أكتب “ذهب مع الحنين” حينها، وهو القضية الفلسطينية والمعاناة الفلسطينية، لا يزال يرافقني حتى في رسالتي الأكاديمية. أتمنى أن يعي الطلبة، وخصوصاً طلبة الإعلام، تاريخ فلسطين ويفهمون حاضرها ويجعلون لفلسطين ولو مساحة صغيرة من شغفهم في الإعلام.
باشراف الدكتوره حنان الكسواني