منْبَر البَتْرا – أُجْرى الحِوار: عَلاء عَبْد العَزيز
في عَالَمٍ يَسُودُه التَّطَوُّر التِّكْنُولُوجِيّ المُتَسَارِع وَالتَّحَدِّيَات الاقْتِصَادِيَّة المُتَزَايِدَة، بَاتَت الأَبْحَاث العِلْمِيَّة الرُّكْن الرئيس لِتَحْقِيقِ التَّنْمِيَةِ المُسْتَدَامَةِ وَدَعْمِ الاقْتِصَادِ الوَطَنِيِّ. مِنْ هَذَا المَنْطَلَقِ، تَبْرُزُ الجَامِعَاتُ كَبِيئَاتٍ مُحَفِّزَةٍ لِلِابْتِكَارِ وَالبَحْثِ التَّطْبِيقِيِّ، حَيْثُ تَعْمَل عَلَى تَحْوِيل الأَفْكَار إِلَى مُنْتَجَاتٍ عَمَلِيَّةٍ تَعُودُ بِالنَّفْعِ عَلَى المُجْتَمَع.
“منبر البترا” التقى الأُسْتاذ الدُّكْتُور فَيصل أَبو الرُّبّ، عَميد البَحْث العِلْمِيّ، لتسليط الضَّوء عَلَى رُؤْيَة الجَامِعَة لِتَوْجِيه البحوث نَحْو الابْتكَار، وَالتعرّف إلى دَوْرِها فِي دَعْم الباحثين، وَتَعْزِيز التَّعَاوُن بَيْن الأَكادِيمِيِّين وَالقِطَاع الصِّنَاعِيّ، بِالإِضَافَة إِلَى التَّحَدِّيَات الَّتِي تُوَاجِه مَسِيرَةَ البَحْثِ العِلْمِيِّ وَالطُّمُوحَاتِ المُسْتَقْبَلِيَّةِ الَّتِي تَسْعى الجَامِعَة إِلَى تَحْقِيقِها.
مِنْبَر البتْرا: مَا هِي الاسْتِرَاتِيجِيَّةُ الجَدِيدَة الَّتِي تَتَّبِعُها عَمَادَة البَحْث العِلْمِيّ لِتَشْجِيع الأَبْحَاث الِابْتِكَارِيَّة؟
أَبُو الرَّبِّ: نَحْنُ فِي عَمَادَة البَحْث العِلْمِيِّ نَسْعى إِلَى تَحْوِيل الأَبْحَاثِ إِلَى تَطْبِيقَاتٍ عَمَلِيَّة تُنْتِج مُنْتَجَات جَدِيدَةً تُفِيد الاقْتِصَاد الوَطَنِيّ وَتُقَلِّلُ مِنَ البَطَالَةِ. فَكُلُّ مُنْتَجٍ يُطَوَّر يَحْتَاج إِلَى تَشْغِيِل الأَيْدِي العَامِلَة مِنْ خِلَال إِنْشَاء شَرِكَاتٍ نَاشِئَة. إِذَا نَجَحَ المُنْتَجُ وَفْقًا لِتَوَقُّعَاتِنَا، فَإِنَّهُ يُسهِمُ فِي تَحْسِينِ اقْتِصَادِ الشَّرِكَةِ وَالبَلَدِ بِشَكْلٍ عَامٍّ. كما نُوَفِّرُ لِلْباحثين مَرَاكِزَ بَحْثٍ مَزَوَّدَة بِأَحْدَثِ التِّقَنِيَّاتِ لِدَعْمِ أَبْحَاثِهِمْ وَتَطْوِيرِهَا، ونُقَدِّمُ دَعْمًا مَالِيًّا بَعْدَ دِرَاسَة وَتَحْلِيل الفِكْرَةِ لِتَحْدِيدِ جَدْوَاهَا الاقْتِصَادِيِّ وَفُرَص تَحْوِيلِهَا إِلَى مُنْتَج أَوْ شَرِكَة قَادِرَةٍ عَلَى تَحْقِيقِ الأَرْبَاحِ. بِالإِضَافَةِ إِلَى ذَلِكَ، يَحْصُل الباحث عَلَى مُكَافَآت تَحْفِيزِيَّة مِنْ رَئِيس الجَامِعَة لِتَشْجِيعِهِمْ عَلَى الِابْتِكَار.
مِنْبَر البَتْرا: كَيْفَ تَرَى الجامعة دَوْر الأَبْحَاث فِي تَحْقِيق تَنْمِيَة مُسْتَدَامَة.. مَحَلِّيًّا وَإِقْلِيمِيًّا؟
أَبُو الرَّبّ: التَّنْمِيَةُ المُسْتَدَامَة تَرْتَكِزُ عَلَى 17 هَدَفًا أَسَاسِيًّا، وَمِنْ أَبْرَزِهَا تَوْفِيرُ العَيْشِ الكَرِيمِ. عِنْدَمَا يَتَحَوَّل البَحْث التَّطْبِيقِيّ إِلَى مَشْرُوعٍ يُوَظِّف أَفْرَادًا عَاطِلِينَ عَنِ العَمَلِ، فَإِنَّهُ يُسهِمُ فِي تَحْقِيقِ هَذَا الهَدَفِ. كَمَا أَنَّ الأَبْحَاثَ الَّتِي تُعَالِجُ مَشَاكِلَ المنَاخِ، وَالمَاء، أَوِ الغَذَاء تُسهِمُ أَيْضًا فِي تَحْقِيقِ التَّنْمِيَةِ المُسْتَدَامَةِ. فِي جَامِعَتِنَا، لَدَيْنَا مُنْتَجَات مُتَعَدِّدَة تُرَكِّز عَلَى قَضَايَا الاسْتِدَامَةِ، مِثْل المَاء، وَالطَّاقَة، وَمُنْتَجَات التَّنْظِيف وَالأَلْبَان. وَكُلُّ هذه المُنْتَجَات تُسهِمُ في تَحْسِين جَوْدَة الحَيَاة وَدَعْمِ الاقْتصاد.
مِنْبر البتْرا: هل تُقَدِّم الجَامِعَة بَرَامِج أَوْ حَوَافِز مُخَصَّصَة لِلْباحثين العَامِلِين عَلَى مَشَارِيع ابْتِكَارِيَّة؟
أَبُو الرَّبِّ: بِالتَّأْكِيدِ، نُقَدِّمُ حَوَافِزَ مَالِيَّةً سَخِيَّةً لِلْباحثين الَّذِين يُقَدِّمُون مُنْتَجَات قَابِلَة لِلتَّسْجِيل وَتَحْقِيق الأَوْلَوِيَّات الوَطَنِيَّةِ. عَلَى سَبِيلِ المِثَال، إِذَا نَجَح البَاحِثُ فِي تَطْوِير مُنْتَج يُعَالِج مُشْكِلَة اقْتِصَادِيَّة أَوْ اجْتِمَاعِيَّة، فَإِنَّنَا نُوَفِّرُ لَهُ الدَّعْم اللَّازِم لِتَطْوِيرِه وَتَسْوِيقِه. كَمَا نُوَفِّرُ لهم بِيئَة دَاعِمَة تَضُمُّ مَرَاكِزَ بَحْث، وأَمَاكِنَ عَمَل، وَنُوفّر للباحثين فُرَص التَّوَاصُل مَعَ المُسْتَثْمِرِينَ وَرُوَّادِ الأَعْمَالِ لِتَسْوِيق مُنْتَجَاتِهِمْ.
مِنْبر البتْرا: هَل يُمْكِنُكم تعريفنا بأمْثِلَةً عَلَى أَبْحَاث نَفَّذَتْها الجَامِعَة وَتَمّ تَحْوِيلها إِلَى مُنْتَجَات أَوْ مَشَارِيع عِلْمِيَّةٍ عَمَلِيَّة؟
أَبُو الرَّبِّ: نَعَمْ، لَدَيْنَا العَدِيد مِنَ الأَمْثِلَة النَّاجِحَة عَلَى الأَبْحَاث التَّطْبِيقِيَّة في الجَامِعَةِ، مِنْ بينها:
•اسْتخْدام خُلاصَة أَوْرَاق الزَّيْتُون لِتَقْلِيل الكُولِيسْترول أَوْ لِتَنْقِيَة المَاء.
•تَطْوِير أَدْوِيَة لِمُعَالَجَة جُرُوح الحَيَوَانَات بِاسْتِخْدَام مَوَاد طَبِيعِيَّة.
•اخْتراع جِهَاز لِمُسَاعَدَة الأَشْخَاص الَّذِين يُعَانُون مِنَ التّأتأة.
•أَبْحاثٌ عَن تَنْقِيَة الزُّيُوت بِاسْتِخْدَام “فِلْتَرَات” مُتَطَوِّرَة.
•أَبْحَاثٌ طِبِّيَّة مُتَقَدِّمَة لِعِلَاج أَمْرَاض السَّرَطَانِ.
مِنْبر البتْرا: مَا هِي أَبْرَزُ جُهُودِ الجَامِعَةِ لِتَعْزِيزِ التَّعَاوُنِ بَيْنَ الأَكادِيمِيِّينَ وَالقِطَاعِ الصِّنَاعِيّ؟
أَبُو الرَّبِّ: نَعْمَلُ عَلَى سَدّ الفَجْوَةِ بَيْنَ البَحْث العِلْمِيّ وَالصِّنَاعَة مِنْ خِلَالِ التَّعَاوُن مَعَ المَصَانِع وَالشَّرِكَاتِ ذَاتِ الاخْتِصَاص. عِنْدَمَا يُطَوِّرُ البَاحِثُ مُنْتَجًا جَدِيدًا، نُسَاعِدُهُ عَلَى عَرْضِهِ عَلَى هَذِهِ المَصَانِعِ لِتَبَنِّيِه. كَمَا نُوَفِّرُ لِلْبُحَاثِين فُرْصَة العَمَلِ في حَاضِنَاتِ الأَعْمَال لِتَطْوِير أَفْكَارِهِمْ وَتَحْويلِها إِلى مَشَارِيع قَابِلَة لِلتَّسْوِيق.
مِنْبَر البتْرا: مَا دَوْرُ الشَّرَاكَات مَعَ مُؤَسَّسَاتٍ دُولِيَّةٍ أَو القِطَاع الخَاصّ فِي تَعْزِيزِ البَحْثِ العِلْمِيّ؟
أَبُو الرُّبِّ: لَدَيْنَا شَرَاكَات مَعَ جَامِعَاتٍ عَالَمِيَّةٍ مِثْلَ جَامِعَةِ “أَلْبِرْتَا” فِي كَنَدَا، وَمعَ جَامِعَاتٍ أَمْرِيكِيَّة، وَبِرِيطَانِيَّة، وَإِسْبَانِيَّة. كَمَا نَتَعَاوَن مَعَ شَرِكَات مَحَلِّيَّة وَدُولِيَّة لِتَطْوِير المُنْتَجَات وَتَسْوِيقِها، مِمَّا يَفْتَحُ آفَاقًا أَوْسَعَ أمام الباحثين.
مِنْبَر البتْرا: مَا التَّحَدِّيَاتُ الرَّئيسةُ الَّتِي تُوَاجِهُكُم فِي تَوْجِيهِ الأَبْحَاث العِلْمِيِّة نَحْو الِابْتِكَار؟
أَبُو الرُّبِّ: مِنْ أَبْرَز التَّحَدِّيَات الَّتي تُوَاجِهُ عمَادَةَ البَحْث العِلْمِيِّ سَدُّ الفَجْوَةِ بَيْنَ الأُوسَاطِ الأَكادِيمِيَّةِ وَالقِطَاعِ الصِّنَاعِيِّ. كَمَا تُوَاجِه الجَامِعَة مُنافسةً كَبِيرَةً عَلَى المُسْتَوَى الدُّولِيِّ، مِمَّا يَتَطَلَّب تَعْزِيز البُنْيَة التَّحْتِيَّة البَحْثِيَّة وَزِيَادَة الاِسْتِثْمَار فِي مَرَاكِزِ الأَبْحَاثِ. كما نَعْمَل عَلَى تَطْوِيرِ مَرَاكِز بَحْث مُتَخَصِّصَة مِثْل مَركَز الدِّرَاسَات الدَّوَائِيَّة وَمَركَز أَبْحَاث الخَلاياِ الجِذْعِيَّةِ. وَتَهْدُفُ الخطَطُ المُسْتَقْبَلِيَّة إِلَى تَحْقِيقِ المَزِيدِ مِنَ التَّقَدُّم فِي البَحْثِ العِلْمِيِّ عَبْرَ تَشْجِيعِ الأَبْحَاث التَّطْبِيقِيَّة، وَتَعْزِيز التَّعَاوُن مَعَ القِطَاع الصِّنَاعِيّ، وَالتَّوَسُّعِ فِي الشَّرَاكَاتِ الدُّولِيَّة.
مِنْبَر البتْرا: مَا هِيَ رِسَالَتكم لِلْباحثين الشَّبَاب؟
أَبُو الرُّبِّ: البَحْثَ العِلْمِيَّ هُوَ أَسَاس التَّقَدُّم وَوَسِيلَة النَّهْضَة الاقْتِصَادِيَّة وَالاجْتِمَاعِيَّة. لِذَلِكَ، تَدْعُو الجَامِعَة الباحثين إِلَى التَّرْكِيزِ عَلَى الأَبْحَاث التَّطْبِيقِيَّة الَّتِي تُسهِم فِي حَلِّ مَشَاكِل المُجْتَمَعِ وَتَدْعَم الابْتِكار. وكما أَثْبَتَتِ الدُّوَل المُتَقَدِّمَة، مِثْلَ اليَابَانِ، فَإِنَّ الاِسْتِثْمَارَ فِي البَحْث العِلْمِيّ يُعَدُّ المِفْتَاح لِتَحْقِيق التَّمَيُّز وَالتَّنْمِيَة المُسْتَدَامَة.