منبر البترا – تالا أبو دقة
في مشهد ثقافيّ يفيض بالجمال والتأمّل، احتضنت جامعة البترا محاضرة تعريفيّة بعنوان “شعر الطبيعة الياباني – الهايكو”، نظّمتها كليّة الآداب والعلوم بالتعاون مع نادي شعراء الطبيعة.
قدّم المحاضرة رئيس جمعيّة نادي شعراء الطبيعة عصام وزوز، بحضور الملحق الثقافي في السفارة اليابانيّة بعمان السيدة “يامادا ميكا”، وعضو مجلس أمناء الجامعة الأستاذ الدكتور محمد معتوق أبو دية، والأستاذ الدكتور محمود السلمان، عميد كليّة الآداب والعلوم، والأستاذ الدكتور رياض عوض، عميد كليّة الصيدلة، ومساعدة رئيس الجامعة للتعاون الدولي الدكتورة كنزا منصور، وعدد من أعضاء الهيئتين التدريسيّة والإداريّة وطلبة الجامعة.
استهلّ وزوز اللقاء بشكر جامعة البترا على احتضانها هذا النشاط الذي يجمع بين الفن والفكر، مشيدًا بانفتاحها على التجارب الثقافيّة العالميّة، ثم قاد الحضور في رحلة عبر الزمن إلى اليابان القرن الثامن، حيث وُلد الهايكو كفنّ شعريّ يقوم على تأمُّل الطبيعة، والتقاط جمال اللحظة العابرة بلغةٍ مكثفةٍ وشفافةٍ تشبه نسمة هواءٍ بين أوراق الكرز.
واستعرض وزوز تجربة الشاعر الياباني “ماتسو باشو”، مؤسّس الهايكو، الذي حوّل أبسط لحظات الطبيعة إلى قصائد مفعمة بالصفاء والدهشة، مؤكدًا أنّ هذا الفنّ لا يقوم على الإيجاز فحسب، بل على رؤيةٍ للعالم تُعيد الإنسان إلى انسجامه الأول مع الطبيعة.
كما قدّم نماذج من نصوص باشو وشعراء هايكو عرب وأردنيّين، أظهرت قدرة اللغة العربيّة على احتضان هذا الفن بروحٍ جديدة.
من جهتها، أوضحت الدكتورة أماني سليمان – التي أدارت اللقاء – أنّ الهدف من هذه الفعاليّة هو تعريف الطلبة بـ”الهايكو” بوصفه فنًّا يعبر الجغرافيا واللغة ليؤكّد إنسانيّة الشعر وجماله المشترك، مشيرةً إلى تجربة الشاعر عزّ الدين المناصرة في كتابة “التوقيعات” التي تمثّل المقابل العربي لفلسفة الهايكو في التكثيف والدهشة.
وشارك الدكتور أحمد العثامنة من كلية الصيدلة، وخريج الجامعات اليابانيّة، تجربته الشخصيّة في العيش باليابان، مُؤكدًا أنّ الهايكو ليس مجرّد ثلاث جمل قصيرة، بل فلسفة حياة تُعلّم الإنسان كيف يرى الجمال في البساطة، وكيف يُصغي إلى صمت الطبيعة بامتنان.
وفي ختام اللقاء، دار نقاش بين الحضور حول مستقبل هذا الفنّ في المشهد العربي وإمكانيّة تطوير شكلٍ شعريٍّ عربيٍّ مستلهمٍ من روح الهايكو دون أن يفقد هويّته وجماله الأصيل.
وفي لحظة الختام، بدت “البترا” وكأنّها تهمس بِلُغتيْن… لغة الكرز الياباني وظلال الزيتون العربي، في قصيدةٍ واحدةٍ عن جمالٍ لا يعرف حدودًا.

