منبر البترا
دراسات

نحو نهج شمولي تكاملي في رعاية وتنمية الطفولة المبكرة

يعتمد النهج الشمولي التكاملي في رعاية وتنمية الطفولة المبكرة جانبين متكاملين متفاعلين:

الأول: الشمولية التي ينظر من خلالها إلى الطفل على أنه ( كل واحد مُوحد) له حاجاته المهمة والمتنوعة المتداخلة والمتأثرة بعضها مع البعض الآخر، مما يوفر فرص نموه وتعلمه من خلال نشاطه وتفاعله في مجالات حياته.

الثاني: التكاملية حيث ينظر إلى حاجات الطفل بكليتها دائما، حتى وإن تم الاهتمام بحاجة منفردة. وبذلك يكون توفير خدمات متكاملة للطفل أمراًَ سليماً يعكس إدراك الطبيعة الشمولية للطفل.

تنامى الاهتمام خلال العقدين الأخيرين بالطفولة المبكرة ( ما قبل المدرسة) على مستوى مركزي من قبل الحكومات وعلى مستوى المؤسسات العامة والخاصة، ومن مظاهر هذا الاهتمام التوجه نحو تطوير برامج الرعاية للمشمولين بهذه المرحلة العمرية منذ مطلع التسعينيات للقرن الماضي على مستوى الوطن العربي.

انطلق هذا التوجه من ثلاث ركائز (مبادئ) لها فعلها المتكامل رغم خصوصية كل منها، تتمثل بما يلي:

أولا : الطفل والطفولة: ذلك أن للطفل مرحلته العمرية الخاصة التي ينبغي أن يحياها بكل جوانبها المتفاعلة بصيغة متسلسلة تتنامى فيها ملكة التعلم عند الطفل.

ثانيا: الطفل والبيئة: ويقصد بالبيئة هنا، البيئة الاجتماعية بالدرجة الأساس، حيث تفاعل الطفل معه الأفراد، بغض النظر عن أعمارهم وخاصة في البيئة المحلية، مما يحفزه على مزيد من التعلم ونمو معرفته التي تصب في بلورة هويته الثقافية، لغة وقيماً.

ثالثا: الطفل والبرامج: وتنطلق من أن للطفل كينونته الذاتية ممثلة في حياته الداخلية ودافعيته الفردية إلى مبادرته في ممارسة بعض النشاطات مما له أهمية في بناء أركان شخصيته. وفي هذا السياق وضمن بيئته قد يكون الطفل بحاجة إلى تعاون وتحفيز نفسي ومجتمعي يساعد على الارتقاء بمهاراته وقدراته مما يمثل تعلما فاعلاً ونشطاً يمكنه من التعامل مع ما يواجهه من تحديات، الأمر الذي يجعل تربيته منطلقة مما يقدر عليه، مع ملاحظة أنه ينظر شمولياً على المعرفة دون التمييز بين مكوناتها.

وبذلك فإن لأدوار الوالدين وأسرته والجماعة التي تحيط به دورها البالغ في بناء ذاته ونمائه.

ومن أجل تطبيق هذا النهج التجديدي في رعاية وتنمية الطفولة المبكرة فلابد من إيلاء التدريب  لذوي العلاقة أهمية كبيرة، خاصة في ممارسة ما يتطلبه من نشاطاتهم بإنضاج رؤى تستند إلى حقوق الطفل. يتزامن مع ذلك ضرورة رفع الوعي المجتمعي والمؤسساتي حول ماهية وجدوى النهج الشمولي التكاملي في رعاية وتنمية الطفولة المبكرة في الأردن.

بقلم: د. سناء الكبيسي

Related posts

شبابنا  : حتى لا يكونوا صيدا للفكر التضليلي

أهمية ودور الجودة الشاملة والتدريب “حالة التعليم العالي في الدول العربية”

أزمة التعليم العربي  : منح الشهادة أم  بناء الشخصية؟

اترك تعليقا

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com