منبر البترا- بقلم:د.نسرين عبدالله
أدهشتني آية قرأتها اليوم وكأني أقرأها لأول مرة وهي الآية الثامنة من سورة الأعراف ثاني السور المكية في المصحف الشريف، وتقول الآية الكريمة:
“وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ ۚ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (8) ”
وسبب دهشتي في كلمة “ثقلت”..فأي شيء يثقل مع الحق؟؟ والحق من أسماء الله…والله هو الحق…فأي شيء أعظم في الميزان حتى من اسم دل عليه جل جلاله وتقدست وتنزهت صفاته؟
هل تعرفون الفرق بين الحق والحقيقة؟
الحق هو الأمر الذي وقع فعلاً…هو الذي لا يختلف عليه أحد عَلِمَهُ من عَلِمه وجَهِله من جَهِله…لكنه حين يُحَصْحِصْ..فلا خلاف عليه..ولا ينكره إلا الجاحد..ولا ينكره إلا علناً – ما لم يكن منافقاً- وفي قراراته موقن به.. أما الحقيقة فهي نسبيه..وتتمثل في كل ما يراه الآخرون حقاً…إلا أن الحق واحد!
ولقد جاء في الآيتين 36 و37 من السورة ما يشير إلى ذلك على قدر فهمي حيث قال تعالى:”وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (36) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ ۚ أُولَٰئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ۖ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (37) ”
غير أن الآية التي طمأنتني قليلاً كانت قد سبقت ذلك برحمة من ربي وهي الآية 35 وتقول:”يابنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي ۙ فَمَنِ اتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (35) ” .هكذا هي رحمة الله تسبق بالبشرى..ولولا أن الله أكد على أن المهم أن نتقي ونصلح..وفي سورة أخرى “اتقوا الله ما استطعتم” لقلت أن البشر جميعاً هلكى….لأنه ليس أثقل من الحق شيء..!
كنت سابقاً كلما قرأت سورة “الأعراف” أشعر بثقل لا أفهم سببه، وتستغرق معي وقتاً في القراءة لا تستغرقه السور الأخرى، واليوم فقط عرفت السبب؛ إن هذه السورة العظيمة تعرض صوراً للصراع بين الحق والباطل…نعم الحق.. ولا تخجل من دينك لأنه الحق..ولا أثقل منه في ميزانك..نفذ ما أمر الله به..نفذ تعاليم الله لأنها الحق…اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه…ودمتم للحق رفيقاً…وناصراً…ودمتم في حفظه ورعايته!