“ام خالد“… مثال للأم الأردنية المكافحة
منبر البترا-هدى دياربكرلي
تمكنت الستينية ام خالد بعد مسيرة حافلة من العطاء بأن تشعل طموحاتها وتعمل في مسيرة تستطيع تطويرها لتأمن حياتها ولقمة عيشها هي وأطفالها، حيث تمكنت منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي أن تكون ثالث امرأة في الأردن وتصبح مدربة في نادي السيارات الملكي، في زمنٍ كان يُستهجن فيه عمل المرأة خارج “قوق، غير أنها كانت من أوائل النساء اللواتي يحملن رخصة القيادة، ولكنها كانت مضطرة لذلك لتعيش هي واولادها. .
“نوفا القهيوي” المعروفة بام خالد ولدت في عمان عام 1955، انهت دراستها للصف الثاني اعدادي لتبدأ مسيرة حياتها في الامومة والعمل، حيث كانت تعيل اولادها الـ 5 لوحدها وسط اغلاقٍ تام عليهم من المجتمع.
طموح المرأة الأردنية
كانت ام خالد امرأة طموحة لا تريد حصر نفسها في العمل كموظفة لدى الاخرين ولا تريد ذلك لاولادها لما عانته أثناء عملها، بل ارادت فتح مهنة بنفسها لتأمن عملا لهم مستقبلا، وكان الخيارات امامها محدودة فهي لم تكمل دراستها، فبدأت مسيرة عملها في الخياطة قبل ٥٠ عاما، ثم وجدت نفسها محصورة جدا في المنزل، وأن طموحها أكبر من ذلك، فقامت بالإنتقال الى العمل في إحدى صالونات التجميل مما كان سببا لها في بعض المشاكل الصحية مثل الربو الذي أصابها بسبب استخدام مواد كيميائية. الامر الذي جعل أم خالد لا تنفك عن التفكير والبحث عن طموح آخر إلى أن وجدت نفسها بالمكان المناسب. فرأت في احدى الايام مدرب قيادة يصطف أمام محل صالون التجميل سألته اذا ما كانت تستطيع أخذ رخصة عمومية وماذا يمكنها أن تفعل بها، فأجابها بكل بساطة : نعم.
عَلِق ذلك الحوار في رأسها وذهبت بعد يومين لموقع التدريب وحصلت على الرخصة كان الامر عجُبةً في ذاك الزمان كونها امرأه وام وبعمر الـ26 عاما فقط، غير انه بنظر المجتمع ان هذا العمل حِكرا على الرجال فقط، ولكنها نجحت وبدأت بالتدريب في نادي السيارات الملكي، وكانت تعمل يوميا لأكثر من ١٤ ساعة حيث اقتصرت حياتها على تربية اولادها والعمل فقط، فـ ليس سهلا ان تكون ام وتعمل لساعات طوال لتأمن لقمة عيشهم وحدك، وفي زمن مثل ذلك الزمان ولكنها الحاجة.
إنجازات ام خالد
تدرَب على يدها شخصياتٍ من العائلة المالكة ومن الشرفاء وأبناء وزراء على مدى ١٧ عاما دربت خلالها اعداد مهولة، الى ان كبر اولادها، تكاتفوا سويا ليوسعوا العمل قليلا، لان الوضع المادي لم يكن يسمح بالتوسع لوحدها وسداد ديونها، ولكن استطاعت معهم أن تفتح مركز لتدريب القيادة “مركز سيرين” وكانت بذلك اول امرأة في الأردن في ذلك المجال، كان المركز مقتصرا على المدربات ثم أصبح يضم مدربين أيضا ليبدأ اولادها الـ 3 بالعمل في المركز، والابن الآخر ساعدته ليحقق طموحه ويكمل دراسة الدكتوراة في الخارج، وبدأت بعدها بإدارة المركز، استطاعت أن تكون اُمًا للمدربين جميعا وازالت الحواجز بينهم، لم ترد لهم أن يعيشوا معاناتها في العمل لدى الاخرين، لأنها تعلم مدى حاجتهم للعمل ليأمنوا مستقبل أولادهم مثلها.
عقبات نجاح ام خالد
أنطوت عن العالم كله شكلت إغلاق على اولادها ولِوحدهم لتحافظ عليهم من المجتمع ومن كلام الناس لم يكن لديها خيارا سوى ان تنجح، خصوصا أن المجتمع كله ينظر إليها والى عملها، كيف ستدير حياتهم وحدها وبعملٍ احتكره الرجال. حتى عندما أصبحت مديرة للمركز كانت تستيقظ مبكرا تطبخ لاولادها وتغسل
وتنظف وتخرج للعمل من ال٦ فجرا تعمل بكل جهدها لوحدها تمسح وتنظف المركز وترخص السيارات وتقوم بتأمينهم وتأخذهم لكراجات التصليح وتشتري هي السيارات أيضا، كانت تعمل كل ذلك وحدها إلى أن بدأ يساعدها اولادها تكاتفو سويا كل واحد بعمل، هيه من اعالتهم صغرا ليعيلوها كبارا. وحتى بالظروف الحالية مع تفشي الوباء وصعوبة الوضع المعيشي وخطر الإصابة يعملون سويا ليأمنوا عيشهم.
خبرة ام خالد في الحياة ومكانتها بالمجتمع
لم يكن لديها اي علاقات اجتماعية لتلحق قوت يومها وتربية اولادها، بحسب قولها ، “ان اي امرأة بعمري يكون لديها صديقة انا ليس لدي صديقة لانني رافقت اولادي”، لم يكن بينها وبين ابنها الأكبر سوى١٦ عاما كان هو رفيقها وعونها هو وبقية اولادها، تعبت سنين طِوال بالتربية والعمل والتخطيط لمستقبلهم هي تعتبر انها قطفت ثمار التربية واصبحوا هم عونا لها بما تبقى من العمر، والان وقد أصبح عمرها ٦٦ عاما، قد أدت رسالتها بالحياة وأمنت عملهم ومسكنا لكل واحد منهم، هي فخورة بنفسها استطاعت في كل هذه السنين ان تكون كل شيء لهم وحدها وان يكملوا ما بدأت به، وهي تشجع كل امرأه بأن تعمل، وتعتبر ان المرأة لكي يكون لها كيان ومكانة في المجتمع يجب ان تعمل وتكون نفسها وحياتها ومع ذلك ان تواكب العمل مع تربية اولادها ومستقبلهم. ستعملون لهم صغرا وستجدونه وانتم كبارا.. .