منبر البترا – تحقيق: رانيــه فطيــن زايــد – تجذب الدرّاجات النارية الشباب الأردني وأحياناً الفتيات، وذلك لأسباب عديدة، منها: الاستمتاع في الشوارع، واختصار وقت الوصول لأي مكان بسهولة دون الوقوع ضحية للأزمات المرورية وقضاء احتياجاتهم في وقت أقصر، وأحياناً تخفيفاً للضغوط التي يتعرض لها راكب الدراجة.
وفي وقتنا الحالي أصبح العديد من الشباب على وجه الخصوص يتخذون ركوب الدراجات النارية هوايةً لهم، فهي تُعدّ من الأنشطة الرياضية والترفيهية الممتعة.
وبالتأكيد لن ننسى الخطورة التي تكمن وراء ركوب الدراجات النارية، ولكن الراكب الذي يلتزم بإجراءات السلامة العامة ومعدّات الحماية الشخصية والتدريب المستمر سوف يحمي نفسه وبيئته من الخطورة.
الدراجات النارية تتحدّى الأزمة
تتحدى الدراجات النارية الأزمات من خلال الوقت القصير الذي يصل به الشخص إلى أيّ مكان يودّ الذهاب إليه بدراجته النارية، إذ يفضلها العديد من الأشخاص لهذا السبب المباشر، وأيضاً سهولة ركنها في أيّ مكان على جانب الشارع فلن تأخذ الفراغ الكبير ولن تؤثر على غيرها من المركبات في الشارع.
“لا تذهب لمعالج نفسي بل امتلك دراجة”
جذبت هذه العبارة انتباهي عندما قالها الشاب “سليمان الزعبي” راكب الدراجات منذ سنتين والذي يبلغ السادسة والعشرين من العمر، عندما قدّمت له عدة أسئلة أثناء مقابلتي له، حيث قدم هذه العبارة نصيحة للآخرين.
وعن تفضيله ركوب الدراجات حدثني أنه أولاً يشعر بالحرية وثانياً توفر على الشخص الوقت والجهد وخصوصاً أنها لا تقع في الأزمات، وسألته عن رأيه ما إذا كانت الدراجات آمنة أكثر من السيارات أكّد أنّ الدراجات غير آمنة بالنسبة للسيارات، وعن الإجراءات التي يقوم بها قبل ركوب الدراجات أشار إلى أنّه يقوم بتفقد “زيت الموتور” و”البريكات” والأضواء والعجلات ما إذا كانت تحتوي على الهواء أم لا.
وعن الدروس قبل دخوله عالم الدراجات النارية قال إنّ التدريب في الأردن غير كاف، ولكن الشخص يتعلم عندما يقود الدراجة بنفسه في الشوارع، وأكّد قيامه بإجراء الاختبار المخصّص لركوب الدراجة ونجح به وحصل على الرخصة وانطلق في الشوارع الأردنية.
وعن الخوذة أوضح أنها أهمّ شيء مُشيراً إلى ما يقوله النّاس: “الدماغ هو راس مال الإنسان وبدونه سلامتك” إذ إنّ الخوذة جداً مهمة. وأضاف: “أسوأ شيء ممكن لسائق الدراجة أن يفعله هو قيادتها بلا خوذة”، والاختلاف بين قيادة الدراجة عن قيادة السيارة كبير من جميع النواحي مثلاً “الغيارات” و”البريك” تقوم بدوسه بيدك وممكن أيضاً بقدمك، و”الجير” إذ إنّ بالدراجة تقوم بتغيير “الجير بقدمك وليس بيدك كما في السيارة، وأكد أنّ الدراجة أمتع بالنسبة للقيادة من السيارة.
ولله الحمد إلى هذه اللحظة لم يتعرّض “سليمان” لأي أذى أو حادث.
ونصيحته للشباب بالتوجه إلى الدرّاجات لما فيها من إيجابيات مثل: (المتعة – توفير الجهد والوقت – تعطي شعور بالراحة النفسية والسعادة) وتطرق لمقولته المشهورة “لا تذهب إلى معالج نفسي بل امتلك دراجة”.
ومن وجهة نظره يقول أن من أهم الفحوصات التي يجب على راكبي الدراجات إجراؤها هم فحص النظر وفحص الأعصاب.
وبالنهاية، أخبرني عن قصص واقعية حول أشخاص تعرضوا لحوادث على الدراجة، فالأول كان بسبب وجود “زيت” على الشارع ولم يكن سائق الدراجة منتبهاً له “فتزحلق” وأدّى إلى تدهوره هو والدراجة ولكن من دون إصابات شديدة، والواقعة الثانية كان صديق له “مشوّش” وتركيزه ليس معه وليس مع الشارع ما أدى إلى وقوع حادث مع سيارة من الجهة الأخرى من الشارع ما أدّى إلى كسر القدم وفي كف يده. وركز “سليمان” على أهمية التركيز أثناء قيادة الدرّاجة.
القيادة المتهوّرة تهدّد حياة صاحبها
تتعدّى خطورة قيادة الدراجات الناريّة خطورة بقية المركبات أكثر بـعشرين مرة، وأكد تقرير لنادي الدراجات الملكي أنّ حوادث من هذا النوع تكون معظمها “قاتلة”.
ولخطورة الدراجات النارية أسباب عديدة، منها: عدم ارتداء راكب الدراجة للملابس الواقية والخوذة، وعدم وجود قوانين صارمة تجعل الدراجين يتبعونها بالإجبار، وعدم تهيئة الشوارع لقيادة الدراجات، وعدم وجود هيكل للدراجة يحمي راكبها مثل هيكل السيارة، بالإضافة إلى استهتار بعض الدرّاجين والقيادة بسرعة كبيرة، وقلّة انتباه الدراجين وغياب التركيز أثناء القيادة ما قد يؤدّي للحوادث المميتة.
القيادة السليمة في الشّوارع
هناك العديد من الاحتياجات لراكب الدراجة الناريّة للقيادة السليمة في الشوارع الأردنيّة ومنها: ضرورة تهيئة الشوارع لسلامة القيادة عليها، وإنشاء مسرب خاص في جميع الشوارع يكون للدراجات النارية، والتزام “الدراجين” بقواعد السير بشكل كاف، والالتزام بلبس الملابس الواقية والخوذة أثناء ركوب الدراجة، وأيضاً إقامة الدورات التدريبية التي تزيد من وعي الأفراد وثقافتهم بعالم الدرّاجات الناريّة.
“قرية الدرّاجين” من الحلم إلى واقع
“سامر حسونة” من أوائل الأشخاص الّين امتلكوا دراجة نارية في الأردن وبدأ التدرب عليها، هو صاحب قرية الدراجين والتي تُعدّ الأولى على مستوى دول الشرق الأوسط، وكان مدرّباً معتمَداً من قبل إحدى شركات الدراجات، وعضو في الهيئة الإدارية لنادي الدراجات الأردني، والمستشار لمجموعة دراجات “هارلي” في الأردن.
حيث ظهر اهتمامه في مجال الدراجات النارية بعد فك الحظر عن هذا النشاط الرياضي في الأردن في عام 2009، وبدأ رحلته في المجال، وبسبب براعته في قيادة الدراجات، وتحقيقاً لحلمه قام بفتح شركة خاصة ومعتمدة لتدريب الشباب على قيادة الدراجات النارية.
وكان يسعى لانتشار “قرية الدراجين” في معظم بلاد الشرق الأوسط، ومع توفير الإجراءات الآمنة لممارسة مثل هذه الهواية المسلية، والتي تسلب عقل غالبية الشباب الأردني في وقتنا الحالي.
ولكن لم يتحقق حلمه، إذ جاء خبر وفاته واضعاً حداً لحلمه الذي لم يكتمل بعد، وكان صدمة حزينة لجميع محبيه ومتابعيه، الذين عبروا عن حزنهم الشديد لفقدان الشخصية التي ساهمت في تحقيق أحلام معظم الشباب الأردني المحبين لهواية الدراجات الناريّة.
هواية ركوب الدراجات تنتقل إلى الفتيات
في أواخر عام 2022 شهد الأردن إقبالاً غريباً من الفتيات على ركوب الدراجات النارية لاتّخاذها وسيلة نقل سريعة لهنّ وذلك بسبب غلاء أسعار الوقود، والازدحام غير المحتمل في الشوارع الأردنية.
“الدراجة هي نصفي الآخر”
كانت هذه كلمات الشابة “نتـالي نبـاص” التي عبرت بها عن حبها لقيادة الدراجات، والتي اتخذت من الدراجة وسيلة نقل آمنة لها، حيث تذهب بها إلى أيّ مكان تريده.
وبالتأكيد لم تكن تجربتها خالية من التحدّيات والصعوبات التي حاولت إيقاف حلمها في قيادة الدراجة النارية؛ إذ كانت أوّل هذه التحديات “مخاوف عائلتها” التي ترى خطراً في ركوب الدراجات النارية، ولكن مع إصرارها على حلمها استطاعت إقناعهم بالأمر، كما تغلّبَت على الصورة النمطيّة الذكورية لركوب الدراجات النارية، وقامت بالتأثير على نظرة الناس في شأن قيادة النساء للدراجات النارية.
ياسمين قدورة أول أردنية تقود الدراجة
“يــاسمين قدورة” أوّل فتاة أردنية تقود الدراجة النارية داخل الحلبات، وما دفعها لذلك حبّها للتحدي وعشقها للمغامرة في خوض التجارب الجديدة، وكان لمبادرة “بدنا إياك” التي تعنى في مجال الدراجات النارية الدور الكبير في تطوير مهارات “ياسمين” وتشجيعها على خوض هذه التجربة الجديدة من نوعها، حيث تقدم المبادرة دورات وبرامج لتمكين الفتيات من قيادة الدراجات النارية باحترافية داخل الحلبات وخارجها.
شعار «يد بيد لسلامتك وسلامة الآخرين»
ومن الجدير بالذّكر أنّ المعهد قام بالتعاون مع نادي الدرّاجات الملكي الأردني ومجموعات مالكي الدراجات الآلية بتنفيذ الحملة التوعوية تحت شعار «يد بيد لسلامتك وسلامة الآخرين» وأنّ جهاز الأمن العام يبذل جهداً كبيراً لرفع السلامة المرورية على الطرقات، بالتعاون مع الجهات الرسمية المعنية والأهلية.
كما ويسعى المعهد المروري الأردني إلى تسهيل تقديم خدمة تسجيل وترخيص الدراجات الآلية (العادية) التي تزيد سعة محركها على (250سم3)،والدراجات الرياضة بصرف النظر عن سعة محركها و”السكوترات” التي تزيد سعة محركها عن (250سم3)،وقد تمّ وضع النماذج المطلوب تعبئتها لهذه الغاية، بالإضافة إلى الوثائق المطلوبة لغايات انجاز المعاملات على الموقع الالكتروني للمعهد المروري الأردني .
وتجدر الإشارة إلى أنّ عدد حوادث الدراجات النارية للعام الماضي بلغ (464) حادثا مختلفاً، بينها 8 وفيات و 145 إصابة متنوعة، بحسب المعهد المروري الأردني.
ليسَ آخِراً
تبقى حوادث ركوب الدرّاجات الناريّة كغيرها من الحوادث المرورية التي يجب علينا العمل على الحدّ منها من خلال توعية السائقين بضرورة اتّباع القواعد المرورية وعدم مخالفتها كي لا يتعرّضون للحوادث القاتلة أو حتى البسيطة، وأيضاً يجب على راكبي الدراجات أو ما يُطلق عليهم اسم “الدراجين” أخذ العدد الكافي من الدروس والتدريبات ليكونوا على دراية بما يقومون به؛ وكي لا يُعرّضون أنفسهم أو الآخرين لأضرار ممكن أن تودي بحياتهم.