منبر البترا ـ بقلم بثينة المحادين : لا تطرق الباب، كل هذا الطرق..فلم أعد هنا. لا تحاول العودة لي من الأبواب الخلفية، ومن ثقوب الذاكرة، وثنايا الأحلام المطوية، ومن الشبابيك التي أشرعتها العواصف.
لا تحاول..
فأنا غادرت ذاكرتي، يوم وقعت على اكتشاف مذهل. لم تكن تلك الذاكرة لي، بل كانت ذاكرة مشتركة أتقاسمها معك. ذاكرة يحمل كل منا نسخة منها حتى قبل أن نلتقي.
لا تطرق الباب كل سيدي.. فلم يعد لي باب. لقد تخلت عني الجدران يوم تخليت عنك، وانهار السقف علي وأنا أحاول أن الملم أشيائي المبعثرة بعدك.
لا تطرق الباب، كل هذا الطرق الموجع..فهاتفك يدق في كهوف الذاكرة الفارغة، ويأتي الصدى موجعا ومخيفا.
ها هي الذاكرة تلبس حداد رجل لم تعد تذكر اسمه.
افترقنا إذن.
فيا وردة البراكين سلاما،ويا ياسمينة نبتت على حرائقي سلاما.
من علمك اللعب بشظايا الذاكرة؟ أجب!
افترقنا إذن..
كنت كهذا الوطن ..يحمل مع كل شئ ضده.
أثثت غربتي بالنسيان. وصنعت من المنفى وطنا آخر لي، علي أن أتعود العيش فيه فقط لأنه مخلصا وصادقاً.