إعداد الأستاذ الدكتور عبدالرزاق الدليمي
ظهرت هناك العديد من المعاني التي تصف كلمة “الحركة النسويه” التي ظهرت لتناصر المرأه وتدافع عن حقوقها وتصف هذه الكلمه اناس الذين يؤمنون بالمساواه بين جميع الناس ويسعون للتقليل من الظلم بأنواعه.
مهما كان تعريفك للحركة النسويه الا انها بالتاكيد مسأله تتعلق بنوع الجنس وعدم المساواة بينه وشارك بهذه الحركه جميع من يعتبرون انفسهم علماء بهذه الحركه ونشيد هنا بما قاموا به من أبحاث تتعلق بهذه النظريه.
تعود جذور هذه النظريات الى أوائل 1800 قبل الميلاد في المجتمع الغربي عندما قامت مجموعه من النساء بتحدي بعض المفاهيم الاجتماعيه السائده عن المرأه حيث كانت القضيه الاساسيه في ذلك الوقت تكمن في اعطاء المراه بعض حقوقها كحقها في المشاركه التصويت الانتخابي وحقها في التعليم الجامعي والتوظيف المريح لها,لكن اليوم تتضمن القضايا المختلفه الاهتمام بمناصرة المرأه,فالمرأه اليوم في الولايات المتحده ودول العالم لها الحق في التصويت الانتخابي والتعليم والتوظيف المريح بأجر مناسب, اما ما لم تحظى به المرأه بعد من حقوق يكمن بعدم المساواه في تشريع القوانين بمؤسسات المجتمع المختلفه والمساواه ايضا بالفرص المناسبه من أصحاب المهن الراقيه والاعلام,ومن جهة اخرى لا تملك المرأه المساواه مع زوجها في حياتها الاسريه بالمشاركه في تحمل مسؤوليات البيت والعنايه بالأطفال.
ان الاستمرار بعدم المساواه بين الرجل والمرأه في الحياه العامه والخاصه هي محور النقد والنظريات التي تناصر المرأه,وسنبدأ بالتعرف على بعض المفاهيم التي يستخدمها علماء هذه النظريات:
أولا: مصطلح الجنس الاجتماعي
معظم من لم يدرسوا علم هذه النظريه التي تناصر المرأه يدركون تماما ان هذه النظريه تضع كلا الجنسين تحت الاهتمام وبخاصة الانثى، فهذه النظرية ظهرت لتناصر المرأه وتدافع عن حقوقها. وسنحاول فهم كلمة الجنس التي لربما تحمل تفسير حرفي واحد ولكن ضمنيا لها تفسيرين:
يحمل مصطلح الجنس في التفسير الأول المحور الأساسي في هذه النظريه فهو منظومة من القيم والنشاطات التي تصف الرجل والمرأه عى حد سواء. أما التفسير الثاني لهذا المصطلح فهو يتطور بيولوجيا مع الانسان على العكس من التفسير الأول الذي يبنى مع الحياة الاجتماعية. بالاضافة الى أن التفسير الأول يحمل معاني وخصائص فرديه على العكس من التفسير الثاني الذي يحمل المعاني التي تتكون مع الحياة الاجتماعيه أي أنها ليست فطريه.بالاضافة الى أن التفسير الثاني يعد حتمي ودائم أما الأول فهو يتغيرباستمرار بتغير الثقافات والعهود.
ان النظريات التي تناصر المرأه ترع أن التفسير الأول يعكس العلاقات الاجتماعيه التي تعرﱠف المراه والرجل والعلاقه بينهما. كما يرى المجتمع أن الرجل يجب أن يكون حازم بعلاقاته مع الآخرين على عكس المرأه التي تحظى بالاحترام. ويرى أيضا أن الرجل يوصف بأنه استغلالي على العكس من وصف المرأه المهتمة بالعلاقات الاجتماعيه. كما ويوصف الرجل بأنه واسع الاطلاع وفعال بالمجتمع بينما المرأه تعد غير مؤذيه ومهتمه بعلاقاتها الاجتماعيه.
كما يمكن القول أيضا بأن الرجل موجه عاطفيا اما المرأه فهي حساسة عاطفيا. وبالنهايه فان هذه المقارنات من الناحية الاجتماعيه بين الرجل والمرأه أثبتت ثقافة وهوية كل جنس عن الجنس الآخر.
ثانيا:الابوه
هذ المفهوم الثاني الذي يستخدمه علماء النظريات التي تناصر المرأه والمقصود به “دور الأب في الحياه الاسريه” فهذا المصطلح الدلالي للكلمه يركز على قيمة الأبوه ويوضح عاداتها وأعرافها بالتالي فان تطبيقها يعكس خبرة وقيمة واهتمامات الرجل ويحمي امتيازاتهم وحقوقهم بينما بذات الوقت تصرف النظر عن المرأه وقيمتها.
ان مفهوم الأبوه يعبر عن نظام متكامل من القواعد والنظريات التي تعكس عدم المساواة بالخبرات والمسؤوليات الملقاة على عاتق فئات المجتمع كافه وبشكل خاص المرأه والرجل، وذلك بعكس الاعتقاد الشائع بأن مفهوم الأبوه يعكس آراء وقيم وتصرفات الرجل وهو بذلك يقترب من مفهوم الجنس الذي يعكس النظام الاجتماعي وليس الفردي أو تصرفات الرجل واعتقاداته وحالته الاجتماعيه،لذلك فهي اتهامات من نظام الابوه يعكس آراء واهتمامات الرجل، ويمكن القول أيضا انها نظام ابتكر من الرجل الذي يسيطر على الحياه العامه في المجتمع الغربي، ولكن يبقى السؤال هل اتبع الرجل في هذا الزمان نظام أسلافه؟
ثالثا: خطاب الايوه
وضح العالم استيفن لتلجون أن عالم الأبوه هو مجموعه من الكلمات العرفيه التي تعكس نظام الابوه الذ يسود حياتنا الثقافيه وهذا يتفق مع جميع من يشاركون بهذا الخطاب.
من التاريخ حتى اليوم تعد فئة الذكور هي المهيمنه في الثقافه الغربيه التي تمنح الذكور الاهتمام، ومثال ذلك فان نظام الابوه يفترض بان مهمة النساء تنحصر باهتمامها بالبيت والأطفال.
ظهرت اخيرا بعض المصطلحات المعروفه مثل (ربة المنزل، الامومه، غريزة الامومه) لكن هناك أيضا كلمات تصف مشاركة الرجل بالحياة الأسريه مثل (رجل البيت، الأبوه، غريزة الأبوه) والتي ظهرت مؤخرا بالقاموس الجامع، وننوه ايضا بأن النظريات التي تؤمن بالنساء تعتقد بأن اللغه تشكل وبقوة آراءنا بالعالم من حولنا لذلك فان الأبوه تشجعنا بان ننظر للعالم من حولنا بآراء ذكوريه.
طرق متعدده للمعرفه
ان أكثر النظريات التي تناصر المرأه تعتقد أن هناك طرق متعدده لادراك العالم ولكن لا توجد طريقه واحده أصح أو أفضل من الاخرى،وهذا يتفق مع وجهة نظر نظرية التركيز التي تؤكدها الدراسات والابحاث والتي هي من طرق المعرفة العميقه التي تتطور مع حياه الناس بالمجتمع استجابة لظروف معينه من حياتهم، وقد ركزت البحوث بالسنوات الأخيره على تحديد سبل الاهتمام بجنس الاناث دون الاهتمام بجنس المذكر.
تششير النظريات التي تناصر المرأه بأن النساء والرجال اجتماعيا ينقسمون في مجموعات تفصل بين الجنسين وبالتالي فان هناك طرق مختلفه للتواصل ومجابهة الحياه، وتشير البحوث الحاليه بأن النساء عادة ما تكون مهتمه بالعلاقات، والتعاون والمساواه، والجدير بالذكرهنا أنها تهتم بالعمليه والنتائج مقارنة بالجنس الآخرالتي يركز اهتمامه على الاستقلال والمنافسه والنتيجه.
على الرغم من وجهات النظر المختلفه بين المذكر والمؤنث والتي هي جميعها صالحه لكن وجهات النظر الذكوريه يتم الاعتراف بها لقيمتها على نطاق واسع، اما عمل المرأه فلا قيمة له في الثقافه الغربيه، والشيء الحيوي والذي له قيمه بالنسبة للنساء يتمثل بالتدبير المنزلي ورعاية الأطفال .
من خلال خطاب الابوه الذي تحدثنا عنه سابقا نستطيع ان نفهم انه ينظر الى استقلال المرأه ويؤكد انه عند عدم وجود استقلالها فان هذا لا يكون خيارها،فان خيارها دائما يتجه نحو رعاية أطفالها ومن يحتاجون مساعدتها وهنا تكون المرأه قد تحلت بروح التعاون بعكس المرأه التي تعمل بدخل.
ان الحكم على المراه مقارنه بالجنس الأخر يبعدنا عن الاعتراف بها وتقييمها وفقا لشروط تخصها هي، واذا كنا نعمل ضمن الجزء الامومي من الخطاب سنكون أكثر عرضة للاستخفاف بالرجال الذين ركزوا على وظائفهم وأهملوا حياتهم الاسريه، مع أننا كنا ننتقد الرجل لافتقاره للغريزه التعاونيه لكونها غير آمنه للدخول بالترابط مع الآخرين.
ان معظم مؤيدي هذه الحركه لا يريدون تدمير قيمة المعاني التي يحملها جنس المذكر، اذ أنها لا تهدف الى عكس التسلسل الهرمي الموجود بحيث يتم اخضاع الخبرات والمصالح الذكوريه الى الأنثويه ولذلك فان الهدف الرئيسي لمعظم البحوث التي تناصر المرأه هو الحد من عدم المساواه الجذريه التي تهدد الحياه الثقافيه.
ان النقد يعد نقطة انطلاق لاعادة هيكلة العالم الاجتماعي بحيث يعترف بالقيمه المتساويه لجميع الذين يشاركون فيه.وبالتالي فان هذه النظريه هي مجموعه من النظريات التي تهتم بالجنس الاجتماعي وعدم المساواه بينه،وبالتالي فان نظريات التواصل التي تدعم حقوق المراه تركز على اللغه كمعنى حيث أن خبرات واهتمامات الذكور تطغى على خبرات واهتمامات الاناث.
التقييم الناقد للنظريات المناصره للمرأه
ان النظريات النسويه تكتسب وبلا منازع مكانه ونفوذ في العالم الأكاديمي والاجتماعي، وبالرغم من صعود فكر هذه الحركه الا أنها لاقت بعض الانتقادات:
أولا: الانقسام بين المرأه والرجل
احدى الانتقادات التي وجهت لهذه النظريه كونها تعطي جلﱠ اهتمامها للمعارضه الثنائيه بين كلا الجنسين، وتركز على جسد وتعزيز الخلافات بين الرجل والمرأه.
قامت العالمه ليندا بوتنام بتعزيز ودعم أهداف هذه الحركه وتساءلت أيضا عن قيمة التركيز في الانقسام بين المذكر والمؤنث، وتشير أيضا بأن مثل هذا التركيز يبسط حياة الناس من خلال التأثير على المساواه بينهما واستبعاد الظاهر من التأثيرات الاخرى التي تؤثر على طريقة تفكير الناس وتصرفاتهم وتفاعلهم، ويمكن القول أيضا بان الاهتمام الشديد بالرجل وعدم الاهتمام بالمرأه يحجب أوجه التشابه بينهما.
على هذه الانتقادات فان بعض علماء هذه الحركه قالوا بان من الضروري التأكيد على الفروق بين الجنسين على المدى القريب وذلك للحصول على أبعد منها على المدى الطويل حتى واننا ندرك تماما الفوارق الجذريه في الحياه الاجتماعيه،ولا يمكن أن نصل الى شيء اذا اعتبرنا أن الفوارق بين الجنسين ليست قضيه تناقش ومع ذلك لاحظ بعض علماء هذه الحركه أن المعيار الرئيسي لتقييم أي نظريه بأنها دقيقه وتصف الظواهر وذلك بالاشاره الى عدم المساواه بين الجنسين بالحياه الاجتماعيه بصفة عامه والاتصال الاجتماعي بوجه خاص. وتؤكد هذه النظريه التفاوت القائم بين الرجل والمرأه بدقه تامه.
ثانيا: المبالغه والتشويه في الفروق بين الجنسين
هذا هو الانتقاد الثاني والذي يعد أكثر خطوره وذلك لأنه يحمل خلافات مبالغ بها بين الجنسين، ولذلك زعم العلمان دانييل كناري وكمبيرلي هاوس بأن الفوارق بين الجنسين في العمل الاجتماعي هي في الواقع صغيره جدا وغير متناسقه، وذلك على خلاف علماء الاتصال الآخرين الذين يدعون بأن الجنسين يختلفان قليلا في تحقيق الفوز بالكشف عن الذات والميل الى مساعدة الآخرين والقياده بكل شيء. فاذا قلنا بأن هذه الادعاءات صحيحه وأن الرجل والمرأه يختلفان قليلا بالتالي نستطيع القول بان هذه الحركه عير دقيقه في ادعائاتها وأن اهدافها مهدوره.
لا يتفق جميع العلماء بأن الاختلافات بين الجنسين طفيفه كما اعتقد نقاد هذه الحركه من أمثال الناقد شارون بريهم الذي كرس مهنته الطويله لدراسة العلاقات الحميمه،واستنتج بأن المساواة بين الجنسين واحده من اعظم التأثيرات على العلاقات الشخصيه ودعم ادعائاته بالعديد من الدراسات التي تقدم تقريرا واضحا ومفصلا عن الاختلافات بين الرجل والمرأه وكيف يستطيع كل منهما عرض الصراع والعدوان وأزمة العلاقات كذلك الظاهر من الحب بينهما والاساليب المناسبه للتفاعل بينهم في اطار العمل.
اعتقد مجموعه من المستشارون بأن ديناميات النوع الاجتماعي تظهر من خلال العلاقات الاجتماعيه ولا يمكن فهم هذه العلاقات دون الاعتراف بالاختلافات في طريقة تفكير النساء والرجال وكيف يشعرون ويتواصلون، لكن في الوقت الحاضر اختلف العلماء حول ما اذا كانت الاختلافات بين الجنسين حقيقه مهمة. وانفهم هذه بانفسنا علينا أن نستخدم خبرتنا الخاصه وأن نقوم بقراءة بعض الرسالات بهذا الشأن وأخيرا يجب أن نعلم أن هذه النظريه التي تناصر المرأه ليست مهملة ففي السنوات الأخيره اكتسبت هذه النظريات الاهتمام والاحترام الزائد من العلماء، ولا يمكن القول أن جميعهم علماء بهذه النظريه فهي ليست نظريه أو اعتقاد منعزل عن التيارات الفكريه الاخرى.
بالواقع ان هذه النظريه حصلت على اهتمام متزايد في كثير من الأبحاث والنظريات التي تهتم بالعلوم الانسانيه والاجتماعيه، وهذا يسمح لعلماء هذه الحركه بالاستفاده منها والمساهمة في أكبر قدر ممكن من المعرفه التي تساعد في فهم العالم من حولنا.
النظريه الصامته
تتفق بعض اهتمامات هذه النظريه مع اهتمامات النظريه السابقه ولكن ما يميز هذه النظريه هو كونها تركز على كيفية اختيار اللغه للخبرات وبالتالي تقرر المنظم اجتماعيا، وايضا فانها تعطي اهتماما للجماعات التي تكون بعيده عن التيار السائد بالمجتمع وتقبل تحت الامر الواقع أن تكون حت هيمنه السلطه المسيطره بالمجتمع.
سنبدأ بالحديث عن الأفكار التي تشملها هذه النظريه:
أولا: التحيز مع جنس الذكور
قام مجموعه من علماء الانثروبولوجيا(علم الانسان) كأمثال ادون وشيرلي آردينر بدعم هذه النظريه، وكانت آراءهم تتفق بأن خبرات وآراء الذكور طغت على تجارب المرأه وآراءها وظهر هذا بمجموعه من الدراسات عن هذه الثقافات.
لاحظ العالم ادون اردينر أن علماء الانثروبولوجيا يميلون الى الانحياز مع الذكور على حساب الاناث ولاحظوا أيضا أن التحقيقات الانثروبولوجيه تعتمد على مقابلات مع الذكور وذلك لفهم ووصف ثقافتهم. أما علماء الاثروبولوجيا الاخرين فلبرغم من اعتمادهم على الذكور لكن كان تبريرهم يعتمد على قولهم بأن المرأه تعتمد على عواطفها وعلاقاتها الاجتماعيه وغيرها من المواضيع التي لم تكن ذات أهميه كبيرة لعلماء الانثروبولوجيا الذين اعتمدوا ببحثهم عن الحقائق الموضوعيه لثقافتهم.
وضح العالم آردينر بأن المرأه تقدم وجهة نظرها تحت مسمى “البيانات العلميه” والتي يسعى علماء الانثروبولوجيا للقول بأننا يجب أن ندرك أن وجهات نظر النساء متجذره في ثقافتهم كما هو الحال مع الرجال، وحذﱠر أيضا بأن علينا أن نشك بأي وصف من هذه الثقافه التي لا تعتمد على آراء جميع النساء.
ثانيا: الخبره واللغه الصامته
قامت شيرلي آردينر التي عملت مع زوجها وزميلها بالتطور في مجال البحوث الانثروبولوجيه عن طريق تتبع الآثار المترتبه على وجود تحيز نحو الذكور حتى باللغه. وأشارت أنه عندما لا تعكس الكلمات ومعانيها تجارب بعض الجماعات بالتالي فان هؤلاء الجماعات تقيد قدراتهم للتعبير عن انفسهم .كما وأشارت بأن المرأه ليست دائما تميل الى الصمت لكنها تصف نفسها بأقل راحه للتعبير عن نفسها بسياقات معينه لأن المجال العام يسكنه على الأغلب الرجال وتكون نسبة مشاركة المرأه بالخطاب العام أقل.
لاحظ العالم كريس كراماريز أن المجتمع الغربي لايزال ينقسم الى المجالين العام والخاص اللذين احتلهما الرجال والنساء على التوالي لأنهما شاركا في المقام الأول بمختلف مجالات الحياه الاجتماعيه وذلك بامتلاكهم الخبرات المتميزه. فخبرات الرجال واولوياتهم سادت وانتشرت وذلك لانهم اختلقوا لغه لانفسهم من منظور تجاربهم وخبراتهم وبذلك تختلف طريقة تعبيرهم عن النساء عامة.
اذا قلنا أن اللغه عكست خبرات الرجال ومصالحهم بالتالي سوف تعطي نظره جريئة لثقافتهم، ومن الملاحظ أنه ليس جميع علماء هذه النظريات عملوا على اسكات النساء فالغالبيه العظمى من هؤلاء العلماء يؤكدون أن الرجال ينظرون للعالم من خلال وجهات نظرهم وأن تجارب النساء وخبراتهم لا تؤخد بعين الاعتبار.
ثالثا: القدرة على تسمية الأشياء
صاحب هذه النظريه هو العالم الاسترالي دال سبندر وقد قال بهذه النظريه لتوضيح الطرق التي تسيطر بها اللغه على الخبره وقد استخدم مثالا على ذلك لتوضيح وجهة نظره ما يتعلق بالأطفال عند الولاده اشارة الى رأي الذكور من هذه الناحيه التي تؤكد على الفرح والجمال من هذه التجربه. وعلى الرغم من موالفقته بأن الاطفال هم تجربه خارقه وممتعه ولكنها تجلب الألم للنساء وذلك لأن الرجال لم يخضعوا للألم الجسدي الذي تتعرض له الانثى عند الولاده وهذا الألم لم يرمز له باللغه التي تصف الخبره (لوصف هذه التجربه).
اتفق العالمان سبندر وآردينرعلى تسمية الخبرة بما يعادل القوة لبناء الواقع،وقالوا بأن من يسمون العالم يملكون امتيازات خاصه لتسليط الضوء على تجاربهم من خلال تسميتهم له وبالتالي فان خبراتهم التي لا يعرفونها لا يسمونها، نتيجة لذلك يتم رفض المجموعات التي لديها حالة هامشيه بالحياة الثقافيه لتحديدها والتعبير عن تجاربهم. ومثالا على هذه النظريه الاعتراف بالتحرش الجنسي الذي يحمل سلوك غير مرغوب به وغير لائق تماما بمكان العمل والمؤسسات التعليميه لكن لغتنا لا تحمل اي مصطلح لوصف ما حدث لهم مع تسليط الضوء على سوء المعامله والاذلال وناهيك عن الادانه لما كان يحدث.
ان مصطلح التحرش الجنسي يسلط الضوء على تجاربهم وقد اعطاهم اللغه لالقاط المعنى واحتجاجا على السلوك الجنسي الغير مرغوب به.
مقاومة القوة المسيطره على المجتمع
بالرغم من أن النظريه السابقه تعد نقديه هدفها التغير الاجتماعي. الا أن هذه النظريه أيضا هدفها البحث عن التغيرات المرغوبه للمرأه لتساعدها على تولي السلطه وبالتالي القدره على تسمية تجربتها الخاصة بالطرق التي تعكس معانيها. كما انه يمكن للمرأه أن لا تعتمد على اللغه التي اخترعنا الرجل لتمثيل تجربتها بالتالي عليها أن تجد لغتها الخاصه لتعكس جوانب حياتها.
قامت الناقده جوليا بيني لوب بالاصرار على أن اللغه قابله للتغيير بتغير نظامها المكون من الكلمات والمعاني. واعتقدت أيضا بأن الخطاب المهيمن بمعظم المجتمعات هو الخطاب الذكوري فهي لم تفكر بأن هذا هو باقي القضيه. وقالت أيضا بأن انشاءمجتمع منصف يتطلب لغة الخطاب لتندرج تحته تجارب النساء واهتماماتهم ومعرفتهم القيمة فيه.
خلاصة هذه النظريه تقول بأن اللغه تنحاز للذكورلذلك فقد تتبع العلماء آثار وجينات اللغه التي ترفع خبرة واهتمامات الذكور ولا تضع بالاعتبار خبرات واهتمامات المرأه. فمن وجهة نظرهم أن خبرات الرجال وتصوراتهم مميزة وذلك لأن الرجل هو المسيطر بالحياة العامه في معظم المجتمعات وبالتالي أخضع العالم لتصوراته ووجهات نظره.
لقد قام النظام اللغوي باسكات المرأه وبالتالي فانه لا فائده لها عندما تشارك بالخطاب أو الحياه الثقافيه، فاللغه تشكل المعاني واللاوعي الثقافي وبالتالي فان حيز الذكور محتمل أن يحجب أو يشوه خبرة معظم أعضاء الثقافات.
اعتقدت هذه النظريات بان الاحتياج لمصطلحات المرأه ولغتها يعكس المجتمع الكامل والذي يتطلب اعادة بناء اللغات الحديثه لذلك فان هذه النظريات تقدر المرأه .
التقييم الأدبي للنظريه الصامته
وجهت ثلاث انتقادات لهذه النظريه وهي كالآتي:
1-ظلم المرأه المبالغ به
تم مناقشة هذا الظلم بشده في النظريه السابقه وبالتالي لا حاجه لاعادة التحدث عنه في هذه النظريه.
2-تعد هذه النظريه غير ملائمه سياسيا
تعد أهداف هذه النظريه سياسيه، لذلك قام النقاد باتهامها بأنها تدعم البرنامج السياسي لتعطي القوة لجنس النساء . ويمكن القول أيضا بأن هذه النظريه تهدف سياسيا الى التغيير البناء بالمجتمع وذلك بالتقليل من عدم المساواه بين الجنسين. ويرى النقاد بأن هذه النظريه لا ترى مشكله بوجود القيم الاجتماعيه فيها فمن وجهة نظرهم تعد هذه القيم موجودة بكل النظريات، بالرغم من أن النقاد التقليديون ينكرون هذه القيم التي تشكل عملهم. بالتالي فان العلماء النقاد اتفقوا بأن النظريات عن الحياه الاجتماعيه يجب أن تستند الى القيم الاجتماعيه وتحاول تحسين المجتمع.
3 تعد هذه النظريه غير واقعيه
كان الانتقاد الثالث الذي وجه لهذه النظريه كونها خياليه ولا يقتصر هذا على هذه النظريه فقط، فقد وجه هذا الانتقاد أيضا الى النظريات النقديه عامة.
ادﱠعى النقاد بشكل عام والناقد لهذه النظريه بشكل خاص بأنها مثاليه وذلك لانهم اعتقدوا بأن التغيرات التي تريدها قد تتحقق وفقا لبعض النقاد من النظريات النقديه التي تحتاج لتغيرات فعلى سبيل المثال ان اعادة صياغة اللغه ليست ممكنه بسبب الفوارق القائمه التي يجب الاعتراف بها واستيعابها.
نظريات الدراسات الثقافيه
قبل عقد من الزمان في المجتمع الأمريكي الافريقي بالجنوب ارتفعت نسبة الاصابة بالسرطان وذلك عندما قامت الشركة الكيميائيه الرئيسيه بالتخلص من بعض المواد السامه والتي بالتالي انتشرت بالحي وتسربت الى التربه والأرض ومياه المواطنين الذين يعيشون بالمنطقه. ولذلك قام اعضاء القريه بسؤال الجهات الرسميه والصحيه المحليه لمساعدتهم بتحديد مصدر السرطان الذي انتشر بين السكان والمشاكل الصحيه التي تعرضوا لها وبالتالي قام المسؤولون باخبارهم بأن حالتهم الصحيه جاءت من سوء التغدذيه والمؤثرات المختلفه التي سيطرت عليهم وعندما لم يستمع أحد من المسؤولين عن لأهالي القريه حول استفساراتهم عن هذه المواد السامه قام العالم روبي بمرافقة مجموعه من أعضاء المجتمع بزيارة الحي للتعرف على سبب انتشار المرض بين السكان وذلك ليحظى باهتمام وسائل الاعلام . وعندما سمع رئيس الشركه الكيميائيه بذلك قام باغراق النفايات ، وبعد شهور من الدراسات والمفاوضات قام القاده بالمجتمع ورئيس الشركه باتفاق يلزم الشركه بازالة جميع السموم وتعويض المواطنين الذين تأذوا أو قتلوا من هذه المواد الكيميائيه القاتله.
ان لهذه القصه نهايه أكثر سعاده من حالات كثيرة تشمل الفئات المهمشه التي تعامل بشكل غير عادل واحيانا يعانون من عواقب وخيمه لعدم وجود اعتراف أخلاقي بهم. لذلك تبين لنا أن المجتمع الأمركي الافريقي تمﱠ استغلاله من قبل مصالح الشركات القويه بالاضافه الى أن الامريكيون الافريقيون واجهوا صعوبه بالاستماع اليهم واذا لم يتم الاستماع لوكيل عنهم فان أعضاء هذا المجتمع لن يجدوا العداله.
ان هذه الحاله هي ما يلفت انتباه واهتمام الدراسات الثقافيه وذلك لانها تفحص بالواقع الطرق التي يتم بها انتاج الثقافه واستنساخها، وبالتالي فقد تغيرت عن طريق النضال بين الايديولوجيات المختلفه ضمن الدرسات الثقافيه. يخصص الكثير من الاهتمام لتحليل الوسائل الني تسيطر على الجماعات بالمجتمع وتهيمن عليهم وذلك بفرض ايديولوجيتهم على المجموعات الأقل قوة منهم.
ان الدراسات الثقافيه عادة لا تكون ثابته وتركز اهتمامها على شيء محدد لأنها تهتم ببعض الحالات السياسيه بالتاريخ التي تنعكس على حياة الناس بالمجتمع ولذلك يجب أن تتغير وتتبدل نظرا للظروف التي تنشأ بلحظات معينه من الحياه الثقافيه. وقد وصفت الناقده لاري جروسبيرج بأن هذه الدراسات مدفوعة بمحاولتها الرد على التاريخ الى ما يهم بعالم النضال السياسي لأن التاريخ هو عبارة عن فهمنا للواقع والنضال السياسي يتغير باستمرار لذلك يجب على هذه الدراسات حتى تحافظ على استمرارها مع الأحداث أن تستجيب للظروف التاريخيه.
اشار جون ستوري الى أن اهتمام الدراسات الثقافيه الرئيسي يكون بقضايا الطبقات الاجتماعيه وذلك عام 1970 من خلال النظريه التي ظهرت لتدافع عن حقوق المرأه وأكدت على المسائل بين الجنسين.
بالنسبه الى العالم جروسبيرج وعلماء الدراسات الثقافيه الآخرين فان الثقافه العامه هي موقع مهم للجماعات المضطهده التي يمكن أن تقاوم التبعيه. فان مهمة الباحث العلمي في الدراسات الثقافيه تنحصر بتحليل وتحديد الوكلاء والوكيلات الذين يبنون ترتيبات الحياه اليوميه وتحديد وظائف محدده لكل منهم، وبمعنى آخر فان الهدف الرئيسي هو تحقيق منظور حرج للتأثير على الفئات المسيطره على المجتمع وكيفية تأثيرهذه الفئات على الحياه السياسيه والماديه وبخاصه من ليسوا بالتيار الرئيسي السائد بالمجتمع.
وضح الناقد تيد ستريفاس بأن الدراسات الثقافيه لا تهدف الى النقد بل للتدخل بنشاط لصنع واعادة صنع وعدم صنع السياق الاجتماعي والسياسي والتاريخيه. ولكن النقاد في هذه النظريه اختلفوا مع النظريتين السابقتين بأنهم لم يأخذوا بعين الاعتبار الجنس أو أي عامل آخر، وسعوا لتوضيح قدرة المجموعات الاخرى على السيطره وفرض آراءها على الآخرين بالمجتمع.
ولفهم هذه الدراسات الثقافيه سنأخذ بعين الاعتبار الأفكار التي تشكل التنظير بهذا المجال:
أولا: الثقافه
هذا هو المصطلح الاساسي في الدراسات الثقافيه، فالثقافه بالنسبه للنقاد لا ترجع للتطورات الجماليه أو الفكريه أو الروحيه. ان الدراسه بالدراسات الثقافيه تعرف بأنها سياسيه وهذا يعني بأن علماء هذه الدراسات مهتمون ليس فقط بالنخبه من الحياه الاجتماعيه بل انهم مهتمون أيضا بالثقافه العامه.
ان الثقافه تحمل معنيين الأول من الثقافه الايديولوجيه التي تضم القيم والأفكار والاعتقادات المطلوبه لأعضاء المجتمع وتوجيههم للنشاطات التي تحدث بالمجتمع. والثاني من الممسارسات الفعليه والملموسه بالمجتمع، فالبنسبه للممارسات الملموسه فتضم الطقوس الثقافيه التي تبرز بالمجتمع كالرحلات واحتفالات الزواج والجنازات بالاضافه الى أن هذه الممارسات الملموسه تشمل النشاطات الروتينيه للأفراد الذين ينتجون الثقافات من خلال حياتهم اليوميه، ومثال ذلك فان الغرب عادة يقودون السيارات لشراء حاجياتهم من المول ويستمعون للموسيقى ويشاهدون التلفاز، وهناك امور بحياتهم اليوميه تصف معاني عديده من ثقافتنا.
يرى علماء الدراسات الثقافيه بأن هذين المعنيين من الثقافه مترابطين ولا يمكن الفصل بينهما فاعتقدوا أيضا بأن التدريب اليومي يعكس ايديولوجيه الثقافه وبالتالي توجه الأشخاص للتفكير والاعتقاد والشعور والفعل.
ان الايديولوجيه الديمقراطيه في الولايات المتحده تسمح للأشخاص بالتصويت بالانتخابات وبنفس الوقت التدريب على التصويت بعكس الايديولوجيه الديمقراطيه. أما الايديولوجيه الرأسماليه فهي بارزه في الثقافه الغربيه التي تأخذ بالاعتبار أشياء معينه مثل:سوق العمل،والعمل الفردي للتميز على الآخرين، ومنح المال للطبقات الفقيره، فالمال يعد مقياسا لأي شيء بالمجتمع الرأسمالي وبنفس الوقت فان هذا يرفع الجوائز والانتصارات الرياضيه وهذا الوضع ينطوي على ممارسات محدده تحافظ بنفس الوقت على القيم الرأسماليه.
ثانيا: الهيمنه الايديولوجيه
قام الناقد ستورات هول بالدفاع عن هذه الايديولوجيه، وقال بانها مجموعه من الأفكار التي تنظم فهم الجماعات والمجتمع للحقيقه. وقال أيضا بأنها مجموعه من المعاني التي تشكل كيف ترى بعض الجماعات العالم من حولنا وقد اعتقد العالم ستورات هول ومجموعه من علماء الدراسات الثقافيه الاخرين بأن أي ثقافه تحتوي على ايديولوجيات منافسه أو طرق متععده لفهم الحقيقه. وتبين نظرية الدراسات الثقافيه بأن الثقافه ليست متجانسه ولكنها بنفس الوقت تضم مجموعات مختلفه بتجارب وظروف وهويات اجتماعيه مختلفه تشكل الفهم الكامل للثقافه.
هذه النظريه تعد واحده من النظريات التي لديها القوة العظمى بالتزام مجموعه كبيره من الناس بلحظه معينه من حياتهم الثقافيه، فهذه النظريه لديها السيطره من خلال دعمها للمؤسسات الاجتماعيه كالكنائس والمعابد والمدارس ووسائل الاعلام، فوظيفة هذه المؤسسات فرديه وبنفس الوقت تتواصل مع الآخرين لتشريع الايديولوجيه السائده بالمجتمع وقمع أو تهميش الايديولوجيه المنافسة لها. ومثال ذلك الاهتمام بالطبقه الوسطى أو التباين بالاهتمام بأحد الجنسين على حساب الجنس الآخر، فان هذا يعد اهتمام طبيعي من هذه المؤسسات الاجتماعيه لان عادة الذكر يكون مسؤولا عن الكنائس والمعابد والصناعات المختلفه والأعمال الاخرى. فالغالبيه العظمى في المؤسسات التعليميه ووسائل الاعلام هم غالبا من الذكور لأنهم ببساطة يكشفون الاهتمامات التي تدعم بشكل واضح المؤسسات الثقافيه، ومن الصعب على المجموعات الخارجه عن الاطار السائد أن تحصل على نفس الاهتمام.
بالنسبه الى المجتمع الامريكي الافريقي الذي يعاني من النفايات السامه فان الايديولوجيه المهيمنه تضع اهتمام الشركات فوق مصالح المواطنين الفقراء والمهمشين أصحاب البشرة السوداء.
ان المؤسسات التي تضم الاعلام والخدمات الصحيه والقانون الذي يرفض أعضاء المجتمع تنتقد سلوك المصنع الكيميائي حتى جاء شخص ذو نفوذ ليتكلم عن حقوق هؤلاء المواطنين الذين تمﱠ انكار ايديولوجيتهم من خلال المؤسسات الثقافيه التي تدعم الايديولوجيه المهيمنه، ولكن وسائل الاعلام كانت قويه في اعادة تقديم ايديولوجية المجموعات المتميزه بأنها طبيعيه وتدافع عن الحقوق. وبالرغم من تحيز النقاد مع الذكور بالبرامج التلفزيزنيه لكن الأقليات استكملوا تصوير انفسهم كمجرمين وضحايا، واستكملت المرأه ظهورها بانها مستقله وربة منزل وأم بالرغم من أن معظم النساء بالولايات المتحده يعملن خارج المنزل.
ثالثا: النضال المسرحي
يرى أصحاب نظرية الدراسات الثقافيه بأن الثقافه والايديولوجيه سلسله قابلة للتغيير. فالثقافه بشكل عام والايديولوجيه المهيمنه بشكل خاص ليست ثابته بل تتغير باستمرار.
يشيرالناقد ستورات هول الى المعركه المستمره من أجل السيطره الايديولوجيه باعتبارها كالنضال أو الصراع المسرحي. واستمر هذا العالم مرارا وتكرارا بالتفكير بالثقافات أو العلاقات القويه بأنها مطلقة أو ثابته بدلا من القول بأن هذه الثقافات وضعت تحت ظروف تارخيه معينه. لذلك فان الظلم العنصري له شكل مختلف بالولايات المتحده وذلك اشارة الى عام 1990 أكثر من كونه في عام 1890، فان هذا الظلم يعود لشيء مازال مختلفا أكثر من المعاني التي تعتبر في جنوب افريقيا قبل 15 سنه مضت. فهذه الايديولوجيات التي ننتقل بها من واحده لاخرى باستمرار كانها مجموعه مختلفه تحمي المؤسسات الثقافيه وتدعمها.
ان المقاومه من أجل الايديولوجيه، وبذل الجهد لاضفاء الشرعيه على الأراء العالميه المهيمنه هي دليل واضح بشكل خاص في الموسيقى ولا سيما الأشكال الجديده منها. قام العالم لورنس جروسبيرغ بدراسة موسيقى الروك بما في ذلك موسيقى الروك آند رول، وذلك كتدريب أو ممارسه تعارض الايديولوجيه السائده. فالبنسبه له فان موسيقى الرول تتناول مجموعه من القضايا تشمل هوية صغار السن ومكانتهم بالمجتمع، وجادل بأن موسيقى الروك آند رول تنشط امكانياتها وتجعلها رئيسيه بحياتنا. وقد تفوقت موسيقى الراب حديثا على موسيقى الروك آند رول، وشملت الامكانيات المتاحه من المعاني المتعارضه جذريا عن تلك التي تدعمها الايديولوجيات المهيمنه. وكمثال على الأشكال الموسيقيه التي هيمنت على الايديولوجيه السائده ريوت جولز.
في واشنطن 1990 ظهرت فرقتين جديدتين جذبتا اهتمام جميع الناس هما: بكيني كيل، وبراتموبايل، والغريب بالموضوع أن معجبيهم كانوا من جنس الاناث، وهذه الفرق الناجحه تماما مثل الفرق النسائيه الاخرى خلقت دعم للنساء الموسيقيات وشجعتهن. ويمكن القول أيضا بأن الحركه الجماعيه التي انتجت فرقة ريوت جولز تعارض جذريا التسلسل الهرمي الذي هو جزء مركزي من الفكر المسيطر بالثقافة الغربيه.
الاصرارعلى التحديد والفصل بين الجنسين الذكر والانثى
من الجدير بالذكر أن الدراسات الثقافيه تفترض بأنه لا يوجد سبب واحد يسيطر على الهيمنه الايديولوجيه. ولذلك قام العالم هول في هذا بالاعتقاد بأن هناك أسباب متعدده وغير مترابطه بأي ايديولوجيه ثقافيه، فاستخدموا هذا المصطلح لتوضيح جوانب الحياه الاجتماعيه بما في ذلك الهيمنه الايديولوجيه التي يسيطر عليها أسباب متعدده، ومثال ذلك الاعتقاد السائد بأن الرجال اصحاب البشره البيضاء أفضل من غيرهم في المجتمع الذي تدعمه اللغة التي تعكس وتدعم اهتماماتهم كترجيح لغة الرجال ذو البشرة البيضاء الذين يطبقون القانون في الأرض، بالاضافة الى ذلك فان الرجال أصحاب البشرة البيضاء يدعمون من خلال شهرتهم في نشرات الأخبار كأنهم نجوم أفلام وبرامج تلفزيون، لذلك فان جزء كبير من الثقافه تحمل الهيمنه الايديولوجيه.
معظم العلماء الذين قاموا بهذه الدراسات الثقافيه تأثروا بالنظريه الماركسيه (نظرية الطبقات الاجتماعيه)، لذلك فان الطبقة الاقتصاديه كان لها تأثير كبير على تصرفات الأفراد واعتقاداتهم. أما بالنسبه للنظريه الماركسيه فان النظام الاقتصادي يحدد كل نواحي حياتنا بما في ذلك السياسيه والدينيه والطبقات الاجتماعيه وكل نواحي الحياه الاجتماعيه بالمجتمع. وبالتالي فان هذا يخلق الشخصيه الاقتصاديه التي قال عنها ماركس صاحب هذه النظريه وأسماها بالبنيه الفوقيه والتي تتألف من المؤسسات والممارسات الاجتماعيه التي تساعد في اعادة انتاج وتطبيع النظام الاقتصادي الأساسي الذي هو أساس المجتمع. وبالرغم من تأثر الدراسات الثقافيه بهذه النظريه الا أنها تقبل بالمذهب الماركسي الذي يزعم أن الاقتصاد يقرر الأفعال الشخصيه،فاعتقدوا أيضا بأن هناك تداخل وتفاعل في محددات السلوك الفردي والاجتماعي في الحياه الاجتماعيه . فالاقتصاد هو أحد هذه العوامل ويلعب الجنس أيضا دورا آخر في هذا المجال بالاضافة الى العرق والعمر والتوجه العاطفي والدين، ويتم تحديد كل هذه العوامل التي لها تأثير متعدد بدءا من اللغه الى التعليم.
الرد على الايديولوجيات المهيمنه بالمجتمع
عند مشاهدة التلفاز ندرك تماما بأن الرجال أصحاب الطبقة الغنيه هم أفضل من غيرهم كالنساء والفقراء، وهنا نتساءل هل قلة الطاقه عند المرأه وعنادها يحفزها لتكون غير طبيعييه وتنفق الكثير من المال لشراء الأحذيه التي تتعب القدم والملابس التي تقيد الحريه؟ وهل عجز الرجل يجعله يصرف النظر عن الحياه الاجتماعيه ويركز اهتمامه على كيفيه كسب المال وانفاقه؟ وهل نحن جميعا عزلنا أنفسنا عن المؤسسات الاجتماعيه عالاعلام؟
ان العلماء الذين قاموا بالدراسات الثقافيه ليسوا متشائمين باعتقادهم أننا سريعون التأثير لبذل الجهد بالتحكم الايديولوجي. فقد قاموا أيضا بايجاد ثلاثة تعاريف مختلفة ومستقله عن بعضها تم اعتمادها للتواصل الذي يعكس ويحاول أن يديم الايديولوجيه المسيطره بالمجتمع. جاء الرد الأول والثاني موافق مع الايديولوجيه المسيطره ولكن بدرجات مختلفه، فالبنسبه للرد الأول فقد انتقد ما جاءوا به من الدعامات الايديولوجيه وهذا الرد يعد واحد مما نقبل بآراءه بالحقيقه والتي تدعم اهتمامات المسيطرون بالمجتمع وتعبر عنها من خلال الثقافه. اما الرد الثاني فقد وافق على الايديولوجيه المسيطره وانعكس هذا على المؤسسات الثقافيه، ومثال ذلك قبولنا بالمنافسه مع الآخرين في سوق العمل، كما أننا نقبل بهذه الايديولوجيه المهيمنه ولكن ليس بالعلاقات الرومنسيه أو الصداقات .
جاء الرد الثالث معارض لهذه الايديولوجيه ويتطلب منا أن ندرك ان هذه ليست حقيقه مزيفه بل انها جزئيه تخدم اهتمامات أفرادها بينما تضطهد الآخرين بالمجتمع. كما اننا يجب أن نعتمد على الايديولوجيه البديله التي اعدﱠها الآخرون أو ان نجد واحده اخرى تخصنا كبديله عن الايديولوجيه المهيمنه التي نقاومها، ومثال ذلك فان مناصروا الحركة التي تناصر المرأه تعارض قراءة اعلانات التلفاز التي تشجع النساء ليكونوا مجهولين وذلك باهتمامهم بالوزن والمظهر، فعلماء هذه النظريه عرضوا المعاني المعارضه التي تمنع الأفعال الغيرمقبوله التصرف جنسيا مع الآخرين.
اعتمد معظم العلماء الذين قاموا بالدراسات الثقافيه بأن الانسان يستطيع أن يملك السيطره باقناعهم بقبول الايديولوجيه المهيمنه، وافترضوا بأن الناس يفضلون التحكم بالاعلام والمؤسسات الثقافيه اذا اطلعوا على كيقية عمل هذه المؤسسات وتحملها لآراء العالم التي تخدم اهتمامات بعض الجماعات، لذلك هدف البرنامج الى زيادة القدرات الفرديه وقبول النقد من الايديولوجيات المهيمنه، والطرق التي يعملون بها للسيطرة على الآخرين.
التقييم الناقد لنظرية الدراسات الثقافيه
وجهت ثلاث انتقادات لهذه النظريه، اثنتان منها متناقضتين اما الثالثه فوضحت بأن هذه النظريه ضعيفة فكريا وتقلل من قدر كلا الجنسين :
أولا: انتقدت هذه النظريه لكونها واسعة المجال
أحد الانتقادات التي وجهت لهذه النظريه هي كونها واسعة المجال، ولنفهم لماذا قد تعد هذه مشكلة لنأخذ قول العالم ايلن دايموند والذي قال بأن الدراسات الثقافيه انتشرت منذ الدراسه الاولى عن ثقافة الطبقة العامله والتقاليد الشائعه بالمجتمع ومن خلال الدراسات الاعلاميه للعمل على مفهوم العنصريه. ولم يوافق النقاد على هذا الانتقاد وبالتالي لم تختلف آراء الآخرين وتركيزهم فمثلا يعد جروس بيرج متعدد ومنفتح على كثير من الدراسات الثقافيه .اما علماء الدراسات الثقافيه الآخرين فكان رأيهم بأن هذه ليست مشكله وذلك لأن اتساع دراساتهم وأعمالهم كانت ملازمة لطبيعتهم ولما درسوه، فالثقافه الشائعه كانت كموقع لاعادة انتاج وخصام للايديولوجيه المهيمنه بالمجتمع.
ان النضال السياسي جزءا لا يتجزأ من الأحداث التاريخيه، وقد تأثر بالظروف والعوامل المحيطه بها، واذا كان هذا صحيحا فان نظرية الدراسات الثقافيه يجب أن تكون زاسعة المجال لتقوم بالعمل المطلوب منها.
ثانيا: المبالغة بالاهتمام بالجندرة (نوع الجنس)
استمد هذا الانتقاد من النظرية التي تناصر المرأه وتوضح الذين يتقاسمون العديد من الدوافع والقيم مع زملائهم في الدراسات الثقافيه الاخرى، حيث أن الدراسات الثقافيه ركزت اهتمامها على نوع الجنس باعتباره اساس الصراع الايديولوجي. بالنسبه لكثير من علماء النظريات المناصرة للمرأه فان كلا الجنسين يعد فئة اجتماعيه أساسها العلاقات الشخصية والثقافيه. وعلى الرغم من أن هناك عوامل اخرى قد تخلق الظلم فان علماء النظريات المناصرة للمرأه اعتقدوا بأن نوع الجنس يأثر هلى الهويه. وبالنسبه لعلماء الدراسات الثقافيه فان نوع الجنس يأثر أيضا على الثقافه فاعتقدوا بان نوع الجنس قابل للتغيير عبرالوقت لذلك فهي تعكس الدراسات الثقافيه لعدم الثقة بالفائده السياسيه من الهوية السياسية التي تركز على الهويات الاجتماعية المعروفه من عوامل كالجنس والطبقة الاجتماعيه. وبالنسبه للعالم جروسبيج فان سياسات الهوية توصف بأنها غير مجديه لأنها ترفض أن تتجاوز الهويات والتبعيه التي يعترضون عليها.
ثالثا: انتقدت هذه النظرهه كونها عقائديه
اهتمت هذه النظريه تماما كالنظريتين السابقتين باعتذارها عن القيم الاجتماعيه حيث أن طبيعة الدراسات الثقافية هاجمت النقاد وبذلت الجهد للبحث عن الحقيقه. وردا على هذه الانتقادات قام العالم هال وشركائه باقتراح سؤال حول” أي حقيقة هي الأخطر” ونستطيع القول هنا بأن علماء الدراسات الثقافيه لا يقبلون بفكرة وجود حقيقة واحده منعزله.
فيما تقدم تناولنا ثلاث نظريات نقديه للتواصل، وبالرغم انها اختلفت ببعض النواحي لكنها اتفقت بالالتزام لفهم عدم المساواه السائده بالحياه الثقافيه.
ركزت النظرية الاولى التي تناصر المرأه اهتمامها على الجنس الاجتماعي كما لو أنه ليس هو المصدر الرئيسي للظلم بالمجتمعات الحديثه. حاولت هذه المجموعه من النظريات تعريف الطرق التي تقوم من خلالها التدريبات المتواصلة بتهميش المرأه وخبرتها. أما النظرية الثانيه وهي النظريه الصامته فتركز اهتمامها بشكل خاص على جنس المذكر المسيطر بالمجتمع وبالتالي فان هذا يلغي حقوق المرأه تحت مسمى ” اللغه المطلوبه” للثقافه. فمعظم النظريات التي تناصر المرأه ومعظم العلماء الذين يؤيدون المجموعه الصامته يعتقدون بأن المساواة بين الرجل والمراه غير قابلة للتغيير.
أما بالنسبه للنظريه الثالثه وهي نظرية الدراسات الثقافيه فتتفق مع النظريتين السابقتين بالدافع الاصلاحي لكنها تختلف عنهما بعدم اعتقادها بأن نوع الجنس الاجتماعي يستحق منا كل هذا الشرح للظلم الواقع عليهم بالمجتمع. اعتقد علماء الدراسات الثقافيه بأن نوع الجنس الاجتماعي وعرقه وطبقته الاجتماعيه والعمر، وغيره من العوامل هي تحت ظلم مجموعات معينه بالمجتمع. واعتقدوا ايضا أن العلاقات الاجتماعيه القويه بالمجتمع لن تصلح أبدا بل ستبقى دائما تحت المفاوضه في “النضال المسرحي” الذي يضم آراء الحقيقه.
ان دور العلماء في التقييم هو لكشف الاجهزة التي تدعم وتديم الهيمنه الايديولوجيه من خلال من يملكون مناصب تمكنهم من السيطره على الآخرين بالمجتمع ويأثرون بالحياه العامه والاعلام الذي يتفاعل مع المؤسسات الثقافيه الآخرى، وبالتالي فهم يحضون بالاهتمام الزائد من علماء الدراسات الثقافيه.
حصلت جميع هذه النظريات على الاحترام والتأثير المتزايد بالسنوات الأخيره ربما بسبب الوعي المتزايد والاهتمام بالظلم الواقع على الآخرين وعدم المساواة الاجتماعيه، وبالرغم من أن النقاد حصوا على صدد كبير بالمجتمع الا انه قد وجهت لهم بعض الانتقادات:
ظهرهناك عدم موافقة بشأن بعض النظريات التي التزمت بتوفير المعرفة الجديرة بالاهتمام بالبرغم من أن معظم الباحثين يعتقدون بأن القيم الاجتماعيه لازمت جميع النظريات ولا يمكن تجنبها. أما الانتقاد الثاني للنظريات النقديه جاء كون هذه النظريات غير واقعيه على افتراض عدم المساواة التي طالت المجتمع ويمكن تغييرها. فاعتقد بعض الناس أنه من الخطأ المحاوله بتغيير أوجه عدم المساواة بين الجنسين، أو عدم المساواة بين الأمركان الأفارقة والأقليات الاخرى، أو بين الجماعات الفقيرة والمرتاحون اقتصاديا.
اعتقد النقاد الثقافيون بأن الحياة الثقافيه هي عملية مستمرة تتغير مع الوقت وسوف تتغير أكثر بالمستقبل، وكانوا متأملين بتوجيه هذا التغيير الى طرق تغير المجتمع للأفضل وبالتالي يسود العدل بهذه المجتمعات.