منبر البترا
مقالات

حرية الإنترنت وتحديات القيود

منبر البترا -بقلم د. عبدالكريم الدبيسي:

إن التطوير المستمر لشبكة الإنترنت التي دخلت جيلها الرابع، ساهم في سهولة وسرعة انتشارها عالميا، وجعلها وسيلة أساسية للتعبير عن حرية الرأي في القرن الواحد والعشرين، متحدية بذلك دور وسائل الإعلام التقليدية مثل الراديو، التلفاز والجرائد، فقد ازداد عدد مستخدمي الشبكة العنكبوتية بنسبة 566% خلال الفترة من عام 2000- 2012 ، إذ بلغ عدد مستخدمي الشبكة 2.4 مليار شخص في العالم.

الانتشار السريع للإنترنت نتج عنه جهود كبيرة للسيطرة على قوة الاتصال الجديدة هذه، والحد من استخدامها للمعلومات والاتصالات لأسباب سياسية، وثقافية، وأمنية وغيرها، وأدى أيضاً إلى مبادرات قانونية وتنظيمية لتخفيف الأخطار المرتبطة بهذا الوسيط الجديد ابتداء من الأخطار على الأطفال، والسرية، وحقوق الملكية الفكرية، وصولاً إلى الأمن القومي. ومن القضايا المهمة التي أثارت المخاوف حول تقييد حرية استخدام الإنترنت الحالات الموثقة عن اعتقالات المدونين، وتصفية أو فلترة المحتوى، وقطع اتصال المشتركين، وزيادة المراقبة على المحتوى. إذ غالبا ما تولد الرقابة الفعالة نتائج عكسية في ظل نظام ديمقراطي، وخصوصا عندما يتم استخدام الفلترة والمراقبة على الإنترنت.
ولم يعد إنشاء أنظمة التحكم بالمحتوى سائدة فقط في الدول غير الديموقراطية أو الأنظمة الاستبدادية التي ترغب في السيطرة على الخطاب السياسي أو حجب آراء ونقد الخصوم السياسيين، فقد أصبحت تدابير رقابة المحتوى أكثر انتشاراً في جميع أنحاء العالم، وغالباً ما تتم لعدة أسباب، واحيانا تُفسر ضمن إطار النوايا الحسنة لحماية المجتمع. وتشير نتائج استطلاع أجرته اليونسكو إلى أن العديد من الدول يمكن أن تمارس قدراً من السيطرة، ولكن فقط الأقلية تظهر انتشار مستويات من الرقابة، إن دولا مثل أستراليا وكندا والصين وفنلندا وفرنسا وألمانيا واليابان وقيرغيزستان والمملكة العربية السعودية والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وأوزبكستان ليست سوى عدد قليل من البلدان التي نفذت نظم وطنية للفلترة أو قدمت قوانين للموافقة على ممارسة التصفية أو الفلترة. وفي المجتمعات الديموقراطية، تكون قضايا انتهاك حقوق الطبع والنشر وخطب الكراهية والتشهير وحماية الخصوصية، وحماية الطفل في بعض الأحيان أساساً لتصفية الإنترنت أو التحكم في المحتوى. وفلترة الإنترنت لمثل هذه الأغراض لا تمثل تهديداً كبيراً لحرية التعبير كما في الحجب المتعمد للخطاب السياسي أو للمعلومات والاتصالات لأقليات اجتماعية معينة، وقد يختلف الآخرون الذين يرون في حرية التعبير على أنها حق مطلق ذا أهمية أساسية.
وازدادت المبادرات لفرض القيود العلنية أو السرية للحد من حرية استخدام الإنترنت في دول العالم المتقدمة ومنها الولايات المتحدة الأمريكية، مما أثار مخاوف من الاتجاهات القانونية والتنظيمية التي يمكن أن تعيد تشكيل حرية التعبير في العصر الرقمي للمجتمعات الشبكية، وتنذر في مستقبل مجهول لحرية التعبير التي هي من حقوق الإنسان الأساسية. مما تقتضي الحاجة لمراقبة منظمّة لمجموعة واسعة من التطورات القانونية والتنظيمية التي تشكل بطريقة مباشرة وغير مباشرة مستقبل حرية التعبير على الإنترنت في سياقات محلية وعالمية.
وكشفت صحيفتا الواشنطن بوست والجارديان البريطانية في شهر حزيران عام 2013 عن برنامج حكومي سري للغاية تديره وكالة المخابرات الأمريكية لمراقبة البيانات على شبكة الإنترنت أطلق عليه برنامج بريزم، الذي مكن مسئولي الأمن القومي من جمع رسائل بريد إلكتروني ومقاطع فيديو ووثائق ومواد أخرى حول تسع شركات أمريكية، على الأقل، على مدار السنوات الست الماضية، بينها جوجل ومايكروسوفت وآبل، وفقا لوثائق حصلت عليها الصحيفة، وبريزم هو برنامج سري لنظام كمبيوتر حكومي داخلي أسس في عام 2007 يستخدم لاستخراج البيانات من أجهزة كمبيوتر شركات الإنترنت وتسهيل طريقة معالجة الحكومة للمعلومات التي تجمعها من شركات تقديم خدمات الاتصالات. وان شركات الإنترنت الرئيسية مثل ياهو وجوجل وفيسبوك، وست شركات إنترنت أخرى كان لها دور في البرنامج. وقد شمل برنامج المراقبة الذي ضم شركات إنترنت وأسس خلال حكم الرئيس الجمهوري السابق جورج دبليو. بوش في 2007 قد شهد نموا في ظل الرئيس الديمقراطي باراك اوباما. وقالت إن وكالة الأمن القومي اعتمدت بشكل متزايد على بريزم كمصدر للمادة الخام لتقارير المخابرات اليومية للرئيس.

وتضمنت التقارير الإخبارية شرائح من باور بوينت تظهر ان شركات الانترنت الرئيسية مثل ياهو وجوجل وفيسبوك وست شركات انترنت أخرى كان لها دور في البرنامج.
وجددت عملية الكشف عن ‘بريزم’ الجدل في الولايات المتحدة بشأن أنظمة المراقبة التي نشأت بعد هجمات 11 أيلول 2001، مما أثار المخاوف في أوساط الرأي العام الأمريكي حول اتساع هذه الأنظمة ونطاق وصولها لحياة المواطنين في الوقت الذي بدأت فيه شركات تكنولوجيا، توضح آليات استخدام البرنامج، بحسب تقرير إخباري نشرته صحيفة ‘واشنطن بوست’ الأمريكية التي كشفت فيه أن البرنامج ‘بريزم’مكن مسؤولي الأمن القومي من جمع رسائل بريد إلكتروني ومقاطع فيديو، ووثائق ومواد أخرى حول تسع شركات أمريكية، على الأقل، على مدار السنوات الست الماضية، بينها جوجل ومايكروسوفت وآبل، وفقا لوثائق حصلت عليها الصحيفة.
وكشفت صحيفة الغارديان عن وثيقة سرية جديدة سربها المحلل الاستخباراتي الأمريكي السابق إدوارد سنودن تشير إلى أن وكالة الأمن القومي الأمريكية تجسست على المحادثات الهاتفية لخمسة وثلاثين من زعماء العالم.
ومن أبرز التحديات الخطيرة التي واجهتها شبكة الإنترنت خلال عام 2013 هي فرض الرقابة عليها رغم انطلاق تأكيدات أمريكية رسمية سابقة من وزارة الخارجية الأمريكية بأهمية المحافظة على حرية الإنترنت، تلك الأحداث كشفت تناقض الأطروحات الأمريكية التي تطالب بحرية كاملة في استخدام الإنترنت من جهة بينما قامت عمليا بانتهاك تلك الحرية.

Related posts

دور الإعلام في تحصين شبابنا أمام الفكر المتطرف

السيّاب في جامعة البترا

جامعاتنا والخريجون- بقلم:د.هيثم أبو كركي

اترك تعليقا

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com