منبر البترا
مقالات

التعليم بين النظرية والتطبيق- بقلم:د.بثينة المحادين

منبر البترا- بقلم:د.بثينة المحادين

لكل يعلم منا مكانة العلم وأهميته وقيمته وخطورته؛ وأن للتعليم وظيفة ومنزلة و دورا، ولكن بالإنتفاع بالعلم وإستخدام المعرفة وتقدير العائد والناتج من ذلك.

لا فائدة من علم قليل ناقص؛ ولا نفع من علم غزير حبيس؛ ولا قيمة لتعليم تافه لا جدوى منه، فالواجب أن يكون العلم طاقة تدفع الإنسان لكل عمل وطني وأن يؤثر العلم والمعرفة في سلوك الإنسان وإنتاجه حتى يتمكن من أن يعمل وينتج ويقدر القيم الروحية فيؤمن بها ويمارسها، وحتى يتمكن من أن يوازن بين الأساليب السلوكية المختلفة فيميز بين طريق الخير وطريق الشر وبذلك يستطيع أن يعيش في المجتمع كمواطن نافع متعاون منتج.

تعتبر المدرسة القاعدة المتينة التي يتم من خلالها تربية الأجيال؛ فالتربية تنصب على جميع نواحي الإنسان الجسمية والعقلية والخلقية والإجتماعية فهي التي تنمي وتهذب وتنهض بقوى الإنسان وذوقه، وهي التي تعمل على تنظيم القوى البشرية وتهذيبها من أجل اكتساب سلوك يتفق ونظام المجتمع، أما التعليم فينصب على نقل المعرفة للإنسان مشكلا بذلك إحدى وسائل تربيته.

وحتى نتمكن من تجسير الفجوة بين مفهوم التربية ومفهوم التعليم لا بد من أن يعتني التعليم  بعقلية المتعلم وميوله وأنشطته وقدراته وسلوكه بما يحقق له الإيجابية الفعالة في الحاضر والمستقبل؛ ويظهر أثراً لتنمية القوى والمواهب وتهذيب الوجدان وتكوين العادات والعواطف الصالحة.

إن من أهم مبادىء فلسفة التربية والتعليم أن تقوم بتربية النشء من أجل إكسابهم المهارات الذهنية واليدوية والمسلكية والإجتماعية لتطوير أنفسهم ومجتمعهم وموارد بلادهم، وهذا يزيد في وعي المجتمع ورخائه؛ وكذلك تمكين النشء من العمل في شتى الميادين وتحبيب العمل للنفوس وإعتباره ضرورة حيوية وواجبا وطنياً وشرفا إنسانياً؛ وليس مجرد وسيلة لكسب العيش وبهذا ندفع بأجيالنا لأن يكونوا عاملاً مبدعا خلاقا، وندربهم على الحياة التي أصبحت تتطلب العدل والحرية والكفاية.

فإذا لم يتوفر في التعليم الموضوعية والتدريب والممارسة فمن المؤكد أن تصبح حياة النشء في المدارس لا قيمة لها ولا هدف؛ بل تصبح المدرسة مجتمعا يضم طاقات خائرة فاترة لا تجد الملجأ الرحيم ولا ترى النور والمتنفس الصحيح ولا تعرف القدوة الحسنة ولا تتجاوب مع الموجه الأمين؛ وعندها ستكون الطامة الكبرى في إنهيار البناء التربوي.

فإذا إستطاعت المدرسة الكشف عن استعدادات وميول وإتجاهات وقدرات تلاميذها بالمعنى الصحيح وتمكنت من التوفيق بين تلك الإستعدادات  وبين حاجات قطاعات العمل؛ يكون قد تحقق التجاوب بين المجتمع والمدرسة وبين الفرد والحياة.

لا نريد من المدرسة أن تكون مجرد مؤسسة تفتح أبوابها  لتلاميذها في ساعات معينة من النهار؛ ولا يعنيها تصرفات وسلوك ونشاط هؤلاء الطلبة، فالمدرسة المثالية هي التي تستطيع إعداد جيلا صالحاً متكاملاً للحياة.. وإذا لم تدرك المدرسة الصلة بينها وبين المجتمع فلن تستطيع تأدية رسالتها التربوية؛ وستفقد الكثير من خبرات أولياء الأمور وإمكانياتهم كما أنها لن تقدم للمجتمع ما يحتاجه من أعضاء نشيطين لديهم القدرة والرغبة في العمل.

Related posts

هل ستنجح عمليات الإصلاح السياسي بدون علاج للمنظومة الإعلامية

Admin User

كوخ للصحافة  أمام كلية الإعلام

كريم بنزيما.. من صافرات الاستهجان الى رفع القبعات

Admin User

اترك تعليقا

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com