تحقيق: ألاء سمحان
شهد العصر الحديث تطوراً ملحوظا في مجال الطب الجراحي، ومن بين أبرز هذه التطورات برزت عمليات التكميم كأحد الحلول الفعالة لمعالجة مشكلة السمنة المفرطة، التي باتت تهدد صحة الافراد في مختلف المجتمعات. وقد لاقت هذه العمليات رواجاً واسعاً بين الناس لما تحققه من نتائج سريعة في إنقاص الوزن وربما تحسين جودة الحياة.
لا تخلو مواقع التواصل من قصص للنجاح، وصور قبل وبعد، وحكايات عن حياة تغيرت بالكامل بفضل هذه العمليات الجراحية، التي تختلف فيما بينها باختلاف التقنية المستخدمة، والهدف العلاجي، ويحدد نوع الجراحة المناسبة بناء على حالة المريض الصحية ودرجة السمنة. وتشمل هذه الجراحات تكميم المعدة، وتحويل مسار المعدة، وتحويل مسار مصغر، وربط المعدة وبالون المعدة. والجدول المرفق يبين الفروقات بين هذه العمليات الجراحية.
فالتجارب في هذا المجال متنوعة بعضها مريح وبعضها سبب إزعاجات تراوحت بين البسيطة والمدمرة. ويبقى السؤال المهم المطروح للنقاش هو هل التكميم يشكل الحل السحري لمشكلة السمنة؟ أم أنه مجرد مسكن قد يخفي وراءه مضاعفات وأخطار؟ هل من الحكمة أن تكون الجراحة الخيار الأول قبل تجربة الحمية والرياضة، وهل يسعى اليها البعض لأسباب صحية أم لأهداف شكلية تجميلية بحتة؟
| النوع | الوصف | الاهداف | النتائج | العيوب/المضاعفات |
| تكميم المعدة | قص 70 إلى 80% من العدة لتصبح في شكل انبوب | تقليل كمية الطعام وتقليل هرمون الجوع | خسارة سريعة في الوزن وتحسين من الأمراض المزمنة | احتمالية التسريب أو ارتجاع المعدة |
| تحويل مسار معدة | تصغير المعدة وتجاوز جزء من الامعاء | تقليل الطعام والامتصاص | فعال جدا في إنقاص الوزن والسيطرة على السكري | نقص الفيتامينات وتحتاج متابعة دقيقة |
| تحويل المسار المصغر | تصغير المعدة مع تجاوز بسيط للأمعاء بوصلة واحدة | تقليل الطعام والامتصاص بشكل أبسط | فعال مع وقت أقل وتعقيد أقل | مشكلات امتصاص أقل لكن لا تزال موجودة |
| ربط المعدة | حلقة قابلة للتعديل توضع حول أعلى المعدة | تقليل الطعام تدريجياً | فعالية أقل قابل للإزالة | انزلاق أو تأكل الحلقة |
| بالون المعدة | بالون مؤقت يملأ في المعدة عبر الفم | تقليل الشهية مؤقتا | خسارة مؤقتة للوزن | عودة الوزن بعد إزالة البالون |
تعد جراحة تكميم المعدة واحدة من أبرز الحلول الجراحية المستخدمة في علاج السمنة المفرطة، والتي تمثل تحدياً صحياً واجتماعياً يؤثر على ملايين الأشخاص حول العالم. تتضمن هذه العملية تقليص حجم المعدة مما يؤدي إلى تقليل كمية الطعام المستهلكة وبالتالي فقدان الوزن بشكل ملحوظ. على الرغم من فعالية هذه الجراحة في تحقيق أهداف إنقاص الوزن، إلا أنها ليست خالية من المخاطر والتحديات.
يهدف هذا التحقيق إلى استكشاف الجوانب المختلفة لجراحة تكميم المعدة، بدءًا من دوافع المرضى لإجراء هذه الجراحة، والعمليات الجراحية نفسها، وصولاً إلى التأثيرات النفسية والاجتماعية للمرضى بعد العملية. سنتناول أيضاً التجارب الشخصية للمرضى، ونستعرض آراء الأطباء المتخصصين، بالإضافة إلى تحليل الإحصائيات المتعلقة بالنجاح والفشل في هذه العمليات.

تشهد عمليات تكميم المعدة اقبالا متزايدا في مختلف دول العالم خاصة في المجتمعات الخليجية والعربية التي تعاني من ارتفاع السمنة التي تهدف الى قص المعدة بنسبة 70-80% مما يؤدي إلى تقليل كميات الطعام التي يتم تناولها، ومن ثم فقدان الوزن بشكل ملحوظ خلال أشهر، في مقابلة في برنامج (صباح المملكة) عبر قناة المملكة، قال رئيس اللجنة العلمية في جمعية جراحة السمنة الاردنية الطبيب تغلب مزاهرة، إن أكثر من 12 الف عملية جراحية لعلاج السمنة تجرى في الاردن سنويا، موضحا ان أكثر عملية تجرى هي قص المعدة بنسبة وصلت الى 85%. وأضاف أن نسبة السمنة في الأردن عالية قد تتعدى 35% وزيادة الوزن قد تتعدى أيضا 35%. وأن وأقل من 20-25% من الشعب الاردني يصنف ضمن ما يسمى الوزن المثالي أو الاقل من المثالي. وعلى المستوى الوطن العربي يحتل الأردن المرتبة الثالثة من حيث السمنة.
جهاد بنات الذي يبلغ من العمر 26 عاما أجرى العملية قبل ثلاث سنوات يقول إجراء العملية كان من أفضل القرارات التي اتخذتها في حياتي كان وزني 140 كيلوغراما وأصبح الآن 77 فقط. يؤكد جهاد أن حياته تغيرت بصورة جذرية بعد العملية. فقد كان يعاني سابقا من ضيق في التنفس وصعوبة في الحركة أما الآن فأصبح يستطيع الركض بسهولة ومن دون تعب، كما أن صعود الدرج بات أسهل بكثير مما كان عليه سابقاً، وأصبح شراء الملابس أكثر سهولة. أما بالنسبة لتناول الطعام فهو يحصل على ثماني وجبات لكن بكميات قليلة.
وأوضح الدكتور أسامة حامد المشرف على حالته أن فشل بعض عمليات التكميم يرجع غالبا إلى الأفراط في تناول السكريات والنشويات. وأضاف أن جهاد كان من الحالات الناجحة لأنه التزم بالنظام الغذائي وتعليمات اخصائية التغذية ولم يواجه أي اثار سلبية بعد العملية.
فمن الامور المهمة التي تحدث عنها جهاد أيضا ضرورة ممارسة الرياضة بعد العملية بشهر وذلك من أجل بناء الكتلة العضلية. فقبل العملية كانت الدهون تشكل معظم كتلة الجسم، أما بعد العملية ومع الالتزام تصبح العضلات أقوى. وأشار إلى أنه لم يعان من أي جفاف، فقد كان ملتزما بشرب لترين إلى ثلاث لترات من الماء يومياً والحرص على تنويع غذائه بين البروتينات والكربوهيدرات مع الابتعاد عن السكريات قدر الإمكان، كما كان ملتزماً بتناول الفيتامينات الضرورية ومشروبات البروتين. ويقول جهاد أنه واجه صعوبة في الفترة الأولى بعد العملية خاصة في اليوم الاول كانت مؤلمة. وأضاف انه اجبر نفسه على تناول كميات قليلة جدا من الطعام فالزيادة تسبب الغثيان في البداية لكنه مع الوقت تمكن من التكيف وأصبح يتحكم في شهيته ويتبع أسلوب صحيّاً وأكد على أهمية الاستمرارية في الفحوصات الدورية كل ستة أشهر لضمان عدم حدوث نقص يؤثر على الصحة أو النشاط.
أمل عورتاني تبلغ من العمر 23 عاما أجرت عملية تكميم المعدة قبل عشرة أشهر. كان وزنها 85 كيلوغراما وأصبح الآن 55 كيلوغراما. تقول كنت اعاني من تعب وإرهاق نتيجة الوزن الزائد إثناء المشي، إلى جانب الآم في الإقدام والركب. لم تكن لدي إرادة كافية لتقليل الوزن، وكنت أعاني من تعب نفسي بسبب الوزن الزائد لذلك قررت إجراء عملية التكميم. قبل العملية كان لديها نسبة دهون عالية، وـتم إخضاعها لفحص دم للتأكد من عدم وجود إمراض. تضيف أمل: بعد العملية كنت اتابع مع الدكتور وإخصائية التغذية. في الاسبوع الأول كنت أتناول العصائر وشوربة الدجاج أو اللحمة وأيضا السوائل الدافئة مثل النعنع والينسون. وفي الأسبوع الثاني بدأت تناول البطاطا المهروسة والبيض المسلوق بالإضافة الى السوائل. أما في الأسبوع الثالث فكنت أتناول البيض والجبنة البيضاء والخضار المطبوخ، وفيما بعد بدأت أتناول اللحوم والأسماك والدجاج مع مراعاة المريض عملية المضغ الجيد وتفادي الاطعمة شديدة السخونة. أقوم بإجراء فحوصات دورية كل ستة أشهر للتأكد من عدم وجود مشاكل صحية، والآن هي تشعر براحة وتنصح بإجراء العملية لمن يحتاجها شريطة الالتزام بالنصائح التي تقدم إليه من الطبيب والمختص بالتغذية إلى جانب الالتزام بممارسة الرياضة بعد شهر من العملية لتقوية العضل وشرب الماء لعدم حصول الجفاف.
بحسب مصدر مقرب فان سارة (اسم مستعار) تبلغ من العمر 33 عاما كانت تعاني من هوس النحافة رغم أن وزنها لم يكن مرتفعا حيث كان حوالي 65 كيلوغرام. وفي عام 2015 قررت سارة الخضوع لعملية تكميم المعدة دون علم أهلها، بعد العملية بدأت تظهر عليها أعراض صحية خطيرة وأصيبت بمرض يسمى فقدان الشهية العصبي وكانت تعاني من الاستفراغ المتكرر بعد تناول الطعام دخلت في غيبوبة وخضعت لعملية تحويل مسار وتم تركيب أنابيب للمعدة لمساعدتها على التغذية نتيجة تأكل في المعدة وضعف في امتصاص العناصر الغذائية. وفي عام 2021 عانت من نقص حاد في الفيتامينات والمعادن خاصة البوتاسيوم والكالسيوم والصوديوم والمغنسيوم مما سبب خللا كبيرا في وظائف الجسم وكان نقص البوتاسيوم الحاد هو السبب المباشر الذي أدى الى وفاتها.
احمد الغانم روى قصته عبر تطبيق السناب شات، يقول: أجريت عملية تكميم المعدة، وبعد مرور 50 يوما قررت أن اشارك تجربتي مع الأخرين. نعم صحيح، فقدت الكثير من الوزن لكن بالمقابل فقدت أشياء أخرى. خسر جسمي الكثير من الفيتامينات، وبدت عليه ترهلات واضحة ومزعجة، هذا الثمن مقابل خسارة بضع كيلوغرامات. اليوم، بات منزلي مليئاً بالأدوية والمكملات الغذائية من المسكنات والفيتامينات، أصبحت لا أستطيع الاستمتاع حتى بكوب ماء، الطعام أصبح عبئاً لا لذه فيه، مجرد لقمة صغيرة قد تسبب انزعاجاً شديداً. بعد العملية ستكتشف أنك وحدك، الاستشارات قليلة والمتابعة محدودة، وكل إجابة من المختصين تكون “هذا خارج اختصاصي.” نصيحة لا تلجأ إلى قص المعدة إلا كخيار أخير بسبب وضع حرج يهدد حياتك فجرب أولا: زيارة الى أخصائي التغذية، والالتزام بنظام غداني متوازن، وممارسة الرياضة بانتظام. أنا شخصياً لم أكن أومن بأخصائي التغذية لكن بعد تجربتي أقول بكل قناعة، أذهب إلى أخصائي تغذية قبل أن تفكر في قص المعدة. قد تخسر وزنك لكنك قد تخسر معه راحتك وصحتك ومتعة حياتك فكر جيداً ولا تتسرع.
حاولت التواصل مع أطباء أردنيين لنكمل رسم الصورة، لكن للأسف لم أتمكن الجميع مشغول ولا وقت لديه، لذلكتم التواصل مع دكتور مصري عبر تطبيق الواتس آب هو الطبيب أحمد شنقار استشاري جراحة المناظير وعمليات السمنة من جمهورية مصر العربية. بدأ حديثه عن عمليات السمنة باعتبارها عمليات تهدف لفقدان الوزن الزائد من خلال تقليل كمية الأكل أو معدل الامتصاص وهي البديل الأمثل حال فشل النظام الغذائي والرياضة في فقدان الوزن.
يقول الدكتور شنقار إن الأشخاص الذين يحتاجون لعمليات التخلص من السمنة المفرطة ومعدل كتلة الجسم أكتر من 35 مع وجود مضاعفات مثل الضغط أو السكر أو تأخر الحمل أو الاكتئاب أو أكثر من 40 حتى مع غياب اي مضاعفات للسمنة، يتم حساب معدل كتلة الجسم من خلال قسمة الوزن بالكيلو جرام على الطول. واضاف يشترط لإجراء عمليات السمنة أن يكون الشخص مؤهل نفسياً للقرار وايضا الامتناع عن التدخين السجائر والنرجيلة بأنواعها قبل وبعد العملية لأنها تسبب مضاعفات خطيره، وكذلك يجب على الشخص أن يكون على استعداد لأتباع نظام غدائي ورياضي وعلاجي بعد العملية للوصول للنتيجة المطلوبة. السن المناسب لعمليات السمنة المفرطة من عمر 14 سنه وحتى 62 سنه. اضاف تتمكن عمليات التخلص من السمنة في علاج الضغط والسكر (النوع الثاني) وضيق التنفس والاختناق وارتفاع نسبة الكوليسترول بالدم ومشاكل تأخر الحمل والضعف الجنسي حيث يتوقف المريض عن تناول أدويه. تكميم المعدة يتم من خلال استئصال حوالي 80%من حجم المعدة ليتبقى جزء 100/300 مل تقريباً، ويتم استئصال الجزء المسؤول عن افراز هرمون الجوع. وتمكّن العملية الشخص من الوصول للوزن المثالي خلال مدة تتراوح بين ستة أشهر و18 شهرا، وبحسب الوزن الأصلي والالتزام بالنظام الغذائي. عملية التكميم لا تؤثر على امتصاص الأكل لكنها تصغر حجم الوجبات وتعزز الشعور بالشبع، أيضا العملية لا تقدم نتائج فعالة لمحبي السكريات والفاكهة ويحتاج الشخص لتناول الفيتامينات بعد العملية ولمدة سنه كاملة، وأنهى كلامه أن نجاح عملية التكميم يكون عادة بنسبه 85%.
تبقى عمليات تكميم المعدة بين مدح من يرى فيها فرصة لإنقاذ الصحة والحياة، وذم ممن خبر مخاطرها واستسهل اللجوء اليها دون حاجة طبية ماسة. من خلال التجارب التي عرضت يمكن الاستنتاج أن عملية التكميم ليست خيارا جماليًا بسيطا بل تدخل طبي له شروط وضوابط صارمة ويعتمد نجاحها بشكل كبير على اختيار الحالة المناسبة والمتابعة المستمرة بعد العملية من الناحية الغذائية والنفسية. لذا فان التوعية والرقابة الطبية مهمة، وايضا الفحوصات الازمة كل ستة أشهر لان نجاح العملية يتطلب جهد وارادة.

